بغداد/المسلة الحدث: يتنامى الغضب الشعبي في العالم العربي بسبب واحدة من أكبر العمليات العسكرية الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة منذ سنوات، غير أن الدول العربية التي طبعت علاقاتها مع إسرائيل ستكتفي على الأرجح بالتنديد بالهجوم الإسرائيلي.
أُجلي آلاف السكان من مخيم جنين للاجئين مع استمرار العملية الإسرائيلية لليوم الثاني يوم الثلاثاء، وقال مسؤولون فلسطينيون إن ما لا يقل عن 12 قتلوا. وتقول إسرائيل إن جيشها يدمر بنية تحتية وأسلحة في المخيم.
تمثل العملية إحراجا دبلوماسيا لأربع دول عربية وقعت اتفاقات مع إسرائيل، تعرف باتفاقيات إبراهيم، وتجعل احتمالا بعيدا بالفعل لانضمام السعودية لمساعي تطبيع العلاقات الذي تدعمه الولايات المتحدة أصعب منالا.
لكن محللين يرجحون أن تطغي المصالح الاقتصادية والتجارية على أي شعور بالغضب لأسباب أخلاقية ينتاب الدول الموقعة على اتفاقيات إبراهيم، وهي البحرين والإمارات والسودان والمغرب.
تقول سانام فاكيل، مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المعهد الملكي للعلاقات الدولية في لندن “تنظر الإمارات والبحرين إلى الاتفاقيات على أنها دائمة وعامل حاسم بالنسبة لمصالحهما الأوسع”.
وأضافت “لكن في ظل العنف لن يكون هناك ترحيب علني (برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو، وبالتأكيد سيُكون هناك ضغط دبلوماسي لوقف العدوان الإسرائيلي”.
وتعمل الولايات المتحدة على توسيع نطاق اتفاقيات إبراهيم، على أمل الاستفادة منها في تحقيق تقدم على صعيد حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
والأمل معقود أيضا على هذه الاتفاقيات في أن تحول الصراع الإقليمي إلى رخاء اقتصادي في واحدة من أكثر مناطق العالم اضطرابا. وعلى الرغم من عدم وجود بوادر تلوح في الأفق على انحسار القلاقل بين الإسرائيليين والفلسطينيين، فهي لا تهدد بقاء اتفاقيات إبراهيم.
وقال نيل كويليام، الزميل المشارك في برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في تشاتام هاوس “التوغل الإسرائيلي في جنين لن يضر باتفاقيات إبراهيم. سيضع بالطبع العلاقة تحت ضغط بعض الشيء… (لكن) الأمور ستسير كالمعتاد”.
ووقع قادة إسرائيل والإمارات والبحرين اتفاقيات إبراهيم في البيت الأبيض عام 2020. وحذا السودان والمغرب حذوهما لاحقا.
وترى إسرائيل، المعزولة اقتصاديا وسياسيا إلى حد بعيد منذ عقود عن جيرانها في الشرق الأوسط، هذه الاتفاقيات سبيلا لاقتناص فرص تجارية في منطقة الخليج وخارجها.
فعلى سبيل المثال، بدأت إسرائيل التعاون مع الإمارات في قطاعات التمويل والطاقة والمياه والأمن والتكنولوجيا وغيرها، وفي مارس آذار دخلت اتفاقية تجارة حرة بينهما، هي الأولى لإسرائيل مع دولة عربية، حيز التنفيذ.
وبيد أن تقارب إسرائيل مع الدول العربية ليس بالأمر السهل، بل زاد من صعوبته وصول ائتلاف حاكم بقيادة نتنياهو إلى السلطة يضم أحزابا يمينية متطرفة تريد ضم الضفة الغربية المحتلة التي يسعى الفلسطينيون منذ فترة طويلة لإقامة دولة مستقلة عليها إلى جانب قطاع غزة والقدس الشرقية.
ويقول مسؤولون فلسطينيون إنهم يشعرون أن أشقاءهم العرب خذلوهم لإبرامهم اتفاقات مع إسرائيل دون المطالبة أولا بإحراز تقدم صوب إقامة دولة فلسطينية. وقبل اتفاقيات إبراهيم، كانت مصر والأردن الدولتين العربيتين الوحيدتين اللتين تقيمان علاقات كاملة مع إسرائيل.
وتشجب الدول الموقعة على اتفاقيات إبراهيم سياسية إسرائيل تجاه الفلسطينيين حينما يتفجر العنف، لكنها لا تُتْبع تنديدها واستنكارها بتحركات تذكر.
واستنكرت البحرين يوم الثلاثاء الهجوم الإسرائيلي على جنين ودعت إلى إحياء عملية السلام المتوقفة منذ فترة طويلة.
ودعت وزارة الخارجية الإماراتية إلى الإنهاء الفوري لما وصفته بحملة متكررة وتصعيدية ضد الشعب الفلسطيني.
وكان المغرب قال في يونيو حزيران إنه سيؤجل حتى الصيف قمة لدول اتفاقيات إبراهيم من المقرر أن يستضيفها، وذلك احتجاجا على قرار إسرائيل توسيع البناء الاستيطاني في الضفة الغربية المحتلة وبعد عملية إسرائيلية سابقة في جنين قتل فيها خمسة أشخاص. لكنه لم يذهب أبعد من ذلك.
وكانت آمال إسرائيل في تطبيع العلاقات مع السعودية، الدولة الثرية صاحبة الثقل في المنطقة، قد تلاشت قبل اندلاع العنف جنين في بكثير. فالرياض تقول إن التطبيع غير وارد دون إقامة دولة فلسطينية.
وعبرت وكالات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة عن قلقها إزاء نطاق أحدث عملية إسرائيلية في جنين، في حين قالت السلطة الفلسطينية المدعومة دوليا إنها علقت الاتصالات مع إسرائيل.
لكن السلطة الفلسطينية فقدت كثيرا من شعبيتها بين الفلسطينيين وكان رد الفعل الدولي على توغل إسرائيل فاترا للغاية. فقد قالت الولايات المتحدة إنها تحترم حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها لكنها نادت بضرورة تجنب سقوط ضحايا مدنيين.
وفي تعليقه على علاقات بلاده المزدهرة مع الإمارات، قال السفير الإسرائيلي لدى الدولة الخليجية أمير حايك لرويترز في مقابلة الشهر الماضي “لدينا اختلافات (مع الإمارات)”. لكنه أضاف أن العلاقة بين البلدين “تجاوزت مرحلة اللاعودة”.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
أخبار ذات علاقة
برلمان بلا جلسات.. الخلافات تعطل إقرار قانون الحشد الشعبي
هيئة الإعلام والاتصالات توجه بقطع خدمة الإنترنت عن شركة كورك
خشان: كيف مر قانون العفو العام بغير موافقة الاغلبية!