بغداد/المسلة:
حسن المياح
كل عاصفة موسم فكرية، تخرج لنا موضة، وتطل علينا تقليعة غربية، وتعلب وتتقولب على شكل نظرية، محاولة منها التحرش والنيل بمقالعها ومخالبها وأنيابها ومعاولها الهشة الهاوية الضعيفة جذور وأساسات وثوابت وأساسيات وحقائق دين الإسلام.. ولكنها لا تنال، ولا تحقق، إلا الخيبة في كل آمالها (وآمالهم هم عملاء آيدلوجيات إفراز الذهن البشري القاصر المحدود المطموس، والفكر والتفكير الغربي والشرقي الذي يحارب الإسلام)، لأن الحق لما يحصحص ويظهر ويبلج ويشرق وينور، فأن الباطل لا بد له من أن يدمغ، ويزهق، ويقبر، بعد أن يولي فارآ مذمومآ مدحورآ، ويذهب خواءآ خائفآ مرتعشآ مهزومآ.
ومن موضاتهم الفكرية الأخيرة، وتقليعاتهم الآيدلوجية المعاصرة التي تتداول في الساحة الفكرية، وما تتطلبه من إحتدام مناقشة وجدل وسفسطة، هي مسألة تعدد القراءات، وأنهم يسوقونها على أساس أنها نظرية علمية جديدة حديثة، تتعامل مع النص بكل حرية وإنفتاح ذهني وتفكير عقل علمي، لما هو إمكانية تفسير النص، وهم الزاعمون والمدعون أنه ليس هناك من ثبات واقع، وكمال حقيقة، يتوصل اليها من خلال تفسير النص، لأن النص حمال أوجه تفسيرية متعددة مختلفة متنوعة، ويمكن لهذه الأوجه أن تتوافق وتتلاقى، ويمكن لها أن تتقابل وتختلف وتتقابل وتتناقض، وأنها كلها بتوافقها وتناقضها، هي صحيحة ومقبولة، ولا يمكن نكرانها، أو أي واحدة منها، أو إلغاءها . وأن الإنسان مخير، وله الحرية الكاملة، في أن يتبنى ما يريد من تفسير، وما يختار، وما يؤمن بما هو الأقرب الى عقله وذهنه وتفكيره وقلبه، والمنسجم مع ما يهدف اليه، وأن الذي يتغياه من بذل الجهد هو لتحقيق وتأكيد الموج التغييري الفاعل والمؤثر لما يسعى اليه من أجندة خبيثة عميلة تحارب دين الإسلام في كل جزء من أجزاء مخططه العام، وفي كل لبنة من لبنات هيكله العام.
اي والله هذه هي النظرية الغربية الجديدة بكل أبعادها المخطط اليها، لتكون المعول الهادم واللاغي والناسف لكل ما هو إسلام (بما هي عليه من علات وأوهان، وتناقضات وتهافتات، وصحيح وإشتباهات، وشبهات وسفسطات) التي عنها يتحدثون، وبها يفخرون ويتفاخرون ويحتجون ويناقشون ويتهوبزون.. وما دروا، أنهم بالتناقض يؤمنون، وعلى أساسه يفكرون، ويتصرفون، ويستنتجون.
فلنبحث هذه النظرية *العلمية* الموضة الغربية للآيدلوجية البشرية الذهنية، والتقليعة الفكرية الملعونة المشبوهة، التي تتحدى النص بما تسلط عليه من معاول هدم، ومطارق بناء، من أجل تحقيق سعة تعدد أفهام مختلفة متنوعة غاشة خادعة، شيطانية ملتوية، على أساس أن هذا لما هو عليه النص، عندما يفكك النص تجزئة أفكارآ وتفكيرآ، وتحليلآ معالجآ وإستنتاجات.. بكل هدوء وصبر ووعي، ليتسنى لنا معرفة حقيقة هذه النظرية، وما تهدف اليه من غايات.. فكونوا معي أحبائي الأعزاء القراء في هذا السفر الفكري الممتع مشكورين.. ولنبدأ بالتعاريف، لأنها المفتاح الذي يبرز المصطلح على ما هو عليه من معنى وأبعاد، وأهداف وغايات.. وأنها ضرورية، وينبغي التركيز على فهمها وإدراكها وحفظها وعدم نسيانها، والتأكيد على ما تنشده من أهداف وغايات.
الذي يقصد بالقراءة هو التفسير، وهو الهرمنوتيك، وهو البلوراليسم، ولنتوفر على توضيح هذه المصطلحات:-
التفسير (Interpretation) معروف ومعلوم، وهو أنك تقرأ نصآ ما مكتوبآ، وتحاول أن تفهم معاني كلماته وألفاظه، وتعي الإرتباط بين هذه الكلمات، لتستنتج (تخرج ب) فكرة مجملة عن معنى النص بتمامه وكماله، وتقول معبرآ بكلماتك أن هذا هو فهمي للنص.
والهرمنوتيك ( HermenutIc ) كلمة يونانية تعني التفسير. وأن لهذا التفسير أشكالآ متعددة، كتفسير الكلام، وتفسير الخط، والإسلوب، وما شابه.. وبعد تداول هذا المصطلح بأشكال مختلفة في علوم متعددة، لما له من عدة معان وأقسام، بحيث أخذ كل واحد بدوره بتعريف يشير الى رؤية خاصة تنسجم مع أهداف ووظائف هذا العلم، أو القسم أو الحقل أو التخصص من المعرفة.
والبلوراليسم (Pluralism) معناه اللغوي هو الجمع والكثير، وكمصطلح معرفي فإنه يعني القبول بالتعدد والكثرة.. وهذا المصطلح مأخوذ من الثقافة الغربية، وأول ما إستخدم هذا المصطلح هو في عادات وتقاليد الكنيسة، وكان يطلق على الشخص الذي يكون ويتمتع بأكثر من منصب له في الكنيسة. وقد أنزل هذا المصطلح الى الساحة الفكرية والدينية الغربية، ودشن على أساس أنه يعني القبول —دون تفريق— بكل العقائد والطرق المتعددة.. ولذلك نحن نحذر ونقول أن كل الآفات والأمراض والأوبئة الفكرية والسلوكية، ما جاءت لنا إلا من الكنيسة، ومن فرض تعالميها وفكرها وأسلوب تفكيرها الدكتاتوري الذي عارض وناقض وإختلف مع الحقائق العلمية، وحارب النهضة الفكرية التي قام بها الفلاسفة والمفكرون والمثقفون الغربيون، والثورة العلمية التي بشر ببوادرها وطلائعها العلماء والمكتشفون والمبدعون والمبتكرون.. ولذلك أرجو من القاريء العزيز، أن يركز على فهم ووعي ومتابعة التعاريف للمصطلحات التي ذكرناها، لأن كل كلمة مقصودة وذات أهمية، وسنتبينها في تطور بحثنا.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
أخبار ذات علاقة
من نظام الأسد إلى علم الاستقلال.. الإعلام السوري يغيّر جلده في ليلة وضحاها
العرب بين حداثة الزيف وأزمة الوعي
الازدواجية بين الأسد وصدام