بغداد/المسلة: الآن، وفي هذا الوقت العصيب، تُدق أجراس الإنذار بقوة في جنوب العراق. نحن على مشارف كارثة بيئية وإنسانية غير مسبوقة، تهدد بقلب نظام الحياة رأساً على عقب. لم تعد أزمة المياه مجرد مسألة نقص في الموارد، بل أصبحت قضية بقاء ووجود لسكان الأهوار ونظامهم البيئي.
إن جفاف الأهوار الجنوبية في العراق هو ناقوس خطر يجب أن يُسمع في كل أرجاء الوطن، وتجاهل هذه الأزمة يعني التواطؤ في جريمة بحق الطبيعة والإنسان، جريمة لا تُغتفر!
ماذا يحدث؟
تواجه مناطق الأهوار الجنوبية في العراق، خاصة في محافظات ذي قار وميسان، أزمة جفاف حادة تهدد النظام البيئي والحياة البشرية. وتشير التحذيرات إلى أن هذه المناطق دخلت فعلاً دائرة الخطر، حيث يشهد العراق موجة جفاف شديدة نتيجة قلة هطول الأمطار وتراجع تدفقات المياه من تركيا وإيران. وفقاً لتقارير الأمم المتحدة، يعد العراق من أكثر الدول تأثراً بالتغيرات المناخية، ما يفاقم من الأزمة الحالية.
في محافظة ذي قار، تصاعدت المخاوف مع انخفاض إمدادات المياه بشكل ملحوظ، خصوصاً في مناطق قضاء سيد دخيل وقراها وصولاً إلى الدواية والفهود والإصلاح والجبايش والمنار وسوق الشيوخ.
ونتيجة لهذا النقص الحاد في المياه، فقدت الكثير من الأسر مصدر رزقها مع نفوق الثروة الحيوانية والأسماك، وتصاعدت نسب الهجرة من الأرياف إلى نحو 25%، حيث دخلت ما بين 8 إلى 10 مناطق في مرحلة الخطر الفعلي، وفقاً لتصريحات الناطق باسم مجلس محافظة ذي قار.
وفي ذات السياق، أشارت رئيسة لجنة الأهوار في مجلس محافظة ميسان إلى أن نفوق الأسماك في هور الحويزة يعود إلى النقص الحاد في الأكسجين بسبب ضحالة المياه، مستبعدة أن تكون عمليات الصيد الجائر هي السبب.
بدوره، حذر الخبير المائي جاسم الأسدي من أن منطقة الأهوار تخوض تحدياً كبيراً بسبب انخفاض مستويات نهر الفرات، وهو المصدر الرئيسي لتغذية المنطقة بالمياه.
ووفقاً للأسدي، فإن منسوب نهر الفرات قد وصل في أبريل الماضي إلى حوالي متر واحد و10 سنتيمترات فقط، والآن بلغ أدنى مستوى له عند 65 سنتيمتراً، مما يعكس حجم المشكلة المائية والتأثير الكارثي الذي تواجهه منطقة الأهوار.
ويؤكد الأسدي أن التراجع في منسوب المياه أدى إلى تدهور كبير في النظام الإحيائي والبيئي، مما يهدد بهجرة آلاف الأسر المعتمدة على الزراعة وتربية الجاموس وصيد الأسماك.
ويشير إلى أنه إذا لم تهطل الأمطار قريباً، فإن الجفاف قد يؤدي إلى خلو الأهوار من سكانها في المستقبل القريب.
إن مساحات الأهوار المغمورة بالمياه قد تراجعت إلى نحو 15% من مساحتها الكلية التي كانت تبلغ حوالي 9,650 كيلومتراً مربعاً في التسعينات.
واليوم، لم تعد تتجاوز مساحة الأهوار 5,600 كيلومتر مربع. ورغم إعلان وزارة الموارد المائية عن انخفاض ملوحة مياه الأهوار إلى النصف، إلا أن المياه ما زالت غير صالحة للاستعمال، وهو ما يساهم في استمرار هجرة السكان داخل الأهوار بحثاً عن المياه العذبة.
ومع استمرار تدهور الأوضاع، خرج مئات المواطنين في محافظتي الناصرية وميسان في مظاهرات احتجاجية ضد نقص إمدادات المياه، مطالبين الحكومة بتحركات عاجلة لإنقاذ ما تبقى من الأهوار وسكانها.
وترى تحليلات ان الوقت قد حان للتحرك السريع والجدي لإنقاذ الأهوار، فهي ليست مجرد مساحات مائية، بل هي إرث تاريخي وثقافي وبيئي للعراق.
وإنقاذ الأهوار ليس خياراً، بل واجب وطني وإنساني، وإذا لم يتم اتخاذ إجراءات عاجلة، فقد نفقد هذه الجوهرة الطبيعية إلى الأبد، ونتحمل العواقب الكارثية التي ستنجم عن ذلك.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
أخبار ذات علاقة
ماذا يعني انخفاض سعر برميل النفط العراقي الى 70 دولار؟
بغداد تتوصل إلى اتفاق على مغادرة الأميركيين
القضاء العراقي في مرمى النيران: حملة منظمة تهدد حصن العدالة