بغداد/المسلة:
تتبدل الأدوار ويتغير الزمان، ويبقى الطغيان حاضرًا بقناع مختلف.
وفي حكاية لا يصدقها عقل ولا تقبلها روح، يقوم رجال السلطة في عراق اليوم بتسليم معارض بحريني إلى جلاديه، ضاربين عرض الحائط كل مبادئ الضيافة، وحقوق الإنسان، وتاريخهم الشخصي من الفرار واللجوء من ظلم صدام.
تخيلوا معي، رجلاً هاربًا من وطنه، يجد ملاذًا في أرض تتفاخر بأنها حامية المظلومين.
انه السيد هاشم شرف، الذي جاء إلى العراق طلبًا للحماية، يلتقي بمصيره المرير عند معبر صفوان الحدودي، على يد ضابط لا يمت للإنسانية بصلة. هذا الضابط، بمزيج من الجهل والغطرسة، قرر تسليم هذا الضيف إلى الكويت ومن ثم إلى البحرين، وكأنّه مجرد بضاعة تُرد إلى مصدرها دون أن تهمه العواقب أو الحياة التي ستُسحق بسبب قراره.
يا للسخرية! هؤلاء الذين كانوا ذات يوم لاجئين، هاربين من ظلم صدام، يتنعمون الآن في مناصبهم العالية، وقد نسوا كل شيء عن تلك الأيام الصعبة.
ألم يتذكروا كيف احتضنتهم دول أخرى ووفرت لهم ملاذًا آمنًا؟ أم أن الكراسي قد أنستهم أن التاريخ لا يرحم؟ ألم يخطر ببالهم أن الزمن يدور، وأن الظلم الذي يمارسونه اليوم قد يرتد عليهم غدًا؟.
هؤلاء المتسلطون على مقدرات الدولة، الذين يرفعون شعارات الإمام الحسين، نسوا أن قضيته لم تكن يومًا مجرد شعار لتزيين المكاتب، بل كانت نضالاً ضد الظلم والجبروت.
كيف يمكن أن يختبئوا خلف شعاراته وهم يرسلون رجلًا يعلمون يقينًا أنه سيواجه السجن المؤبد في سجون البحرين؟. كيف استطاعوا أن يغدروا بضيفهم، وهم الذين يتفاخرون بأنهم من نسل من ضحوا بأنفسهم لأجل قيم الحق والعدل؟.
إنها مهزلة سوداء، عندما يصبح حامي الحمى هو نفسه الذي يغدر بمن طلب الحماية.
لقد فشلوا في بناء دولة تحترم نفسها وتحترم الآخرين، يديرها جهاز بيروقراطي متبلد، لا يفهم شيئًا عن حقوق الإنسان ولا عن العدالة.
هذا الضابط، بكل برودة أعصاب، نفّذ قرارًا كأنه آلة لا تفقه شيئًا، متجاهلاً المناشدات، متناسيًا أن كل قرار كهذا سيظل وصمة عار تطارد الدولة ورجالها في كتب التاريخ.
إن التاريخ سيحاسبهم، كما حاسب أهل الكوفة الذين خانوا مسلم بن عقيل.
الله سيلعنكم، والتاريخ سيلعنكم، لأنكم غدرتم بضيفكم وسلمتوه إلى جلاديه، وضربتم مثلا في الغدر، على أرض سيد الشهداء.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
أخبار ذات علاقة
حماية العراق واجب أمريكي: الاتفاقيات الأمنية ليست حبراً على ورق
إيران ترد على قرار الوكالة الذرية بأجهزة طرد مركزي متطورة
زعماء الوسطية.. هل قادرون على توجيه السكة على مفترق طرق إقليمي؟