بغداد/المسلة: في مشهد يكشف عن حقيقة مؤلمة، تحدث المحلل الاقتصادي منار العبيدي عن واقع صادم لقطاع المصارف في العراق، حيث أشار إلى أن الحكومة العراقية أصبحت “أفضل زبون” للمصارف، لكن ليس من منطلق القوة أو التفاوض، بل من منطلق الضعف الذي يثير الكثير من التساؤلات حول كفاءة إدارة المال العام.
وفقًا للعبيدي، تودع الحكومة أموالها لدى المصارف بشكل مجاني، وهو أمر ليس بالجديد على عالم المصارف، لكن المثير في الأمر هو أن الحكومة تعود لتقترض نفس الأموال التي أودعتها ولكن هذه المرة بفائدة. تبلغ ودائع القطاع الحكومي والمؤسسات نحو 74 ترليون دينار عراقي، 80% منها ودائع جارية بدون فوائد، في حين أن القروض التي يحصل عليها القطاع الحكومي تصل إلى 78 ترليون دينار عراقي، وتحمل في الغالب فوائد مفروضة من نفس المصارف التي تحتفظ بودائع الحكومة.
وتفيد تحليلات ان هذا الوضع المالي يكشف عن خلل هيكلي خطير في إدارة المال العام ويثير عدة تداعيات سلبية على الاقتصاد العراقي، ذلك ان اعتماد الحكومة على الاقتراض بفوائد من المصارف التي تودع فيها أموالها يعكس نقصًا حادًا في السيولة الحكومية وعدم القدرة على التحكم في دورة النقد داخل الدولة، و هذا يؤدي إلى تراكم الديون والفوائد التي تزيد من العبء المالي على الخزينة العامة.
كما ان السياسات المالية الحالية تشير إلى علاقة غير متوازنة بين الحكومة والمصارف، حيث أن الأخيرة تستفيد بشكل كبير من أموال الحكومة دون تقديم خدمات تذكر في المقابل، بل وتفرض فوائد على الحكومة عندما تضطر للاقتراض منها.
وهذه العلاقة تضعف موقف الحكومة وتزيد من اعتمادها على الاقتراض، مما يؤدي إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية في البلاد.
ويعكس غياب الفوائد على الودائع الحكومية عدم وجود استراتيجية مالية واضحة لإدارة أموال الدولة. فمن البديهي أن تستفيد الحكومة من ودائعها عبر فرض فوائد على تلك الأموال أو استثمارها في مشاريع تعود بالنفع على الاقتصاد الوطني. لكن الواقع الحالي يشير إلى إدارة مالية تقليدية تفتقر إلى الابتكار والاستفادة القصوى من الموارد المتاحة.
وتشير تحليلات الى إن استمرار هذا الوضع سوف يؤدي إلى عدة نتائج سلبية بعيدة المدى. أولاً، ستزيد الفوائد المتراكمة على القروض من الأعباء المالية على الحكومة، مما سيؤدي إلى زيادة في العجز المالي وزيادة الحاجة إلى المزيد من الاقتراض أو الطباعة النقدية، وهو ما سيزيد من التضخم ويقلل من قيمة الدينار العراقي.
ثانيًا، هذا النمط من الإدارة قد يؤدي إلى تآكل ثقة المستثمرين المحليين والدوليين في قدرة الحكومة على إدارة المال العام بشكل فعال، مما قد يؤثر سلبًا على الاستثمار الأجنبي المباشر ويزيد من صعوبة جذب رؤوس الأموال التي يحتاجها العراق لتنمية اقتصاده.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
أخبار ذات علاقة
ترامب: سأوقف الفوضى في الشرق الأوسط والحرب بأوكرانيا
محافظ المثنى يكشف عن فتح مقبرة جماعية: أكثر الجماجم لأطفال صغار
البطالة القانونية: عندما تتحول العدالة إلى أزمة مهنية