المسلة

المسلة الحدث كما حدث

نور زهير يراهن على الخفاء: من التالي؟

نور زهير يراهن على الخفاء: من التالي؟

19 أغسطس، 2024

بغداد/المسلة: الجلسة الحوارية مع نوري زهير كشفت عن أول صوت للمتهم، وحقه الطبيعي في الدفاع عن نفسه أمام اتهام خطير، لكن الغريب كان في ثقة زهير المطلقة ببراءته، تلك الثقة التي بدت وكأنها مستمدة من مصادر غير مرئية، ما زاد من غموض الموقف.
وبدلاً من التعمق في التفاصيل الدقيقة للدفاع عن نفسه، اكتفى زهير بإرسال رسائل مشوبة بالغموض، تُخاطب الجهات المتورطة معه بطريقة لم تخلُ من التهديد المبطن؛ مفادها أن المحاكمة ستسفر عن كشف أسرار مدفونة.

حاول زهير جاهداً أن ينأى بنفسه عن التهمة، متخذاً من العبارات المتقاطعة سلاحاً لإخفاء حقائق جلية. وربما، بطريقة ما، نجح في زرع الشك في قلوب الكثيرين، خاصة وأن العراقيين قد أدركوا منذ زمن أن الفساد التخادمي هو المتحكم الحقيقي في ملفات الفساد الكبرى، وزهير يدرك أن هذا الواقع المرير يمنحه حظوظاً أكبر في إقناع الرأي العام ببراءته، مستغلاً القناعة بأن السرقة برمتها عبارة عن فساد تخادمي، وليس مسؤولية فرد لوحده.

الاطمئنان الذي بدا على وجه زهير أثناء المقابلة، لم يكن وليد الصدفة، بل جاء من يقين داخلي بأن التوافقات والصفقات المشبوهة ستلعب دوراً في التخفيف من عقوبته، وربما حتى تبرئته لاحقاً.

في هذا المشهد المعقد، يبدو أن اللعبة السياسية والانتخابية لم تكن غائبة عن “سرقة القرن”، بل قد تكون العامل الخفي الذي سيُظهر لاحقاً أسماء أخرى تورطت في هذا الفعل.
ويبدو أن زهير، الذي لم يتحدث عن فريق مصطفى الكاظمي بشكل صريح، قد يحاول في المستقبل توجيه الاتهامات نحوهم، ليحقق بذلك مكاسب مزدوجة؛ فهو من جهة يبعد الأنظار عن الجهات المتنفذة المتورطة الحالية، ومن جهة أخرى ينتقم لها وله، من الكاظمي وفريقه.

لا يمكن إنكار بساطة الأسلوب الذي اتبعه زهير في حديثه، تلك البساطة التي قد تكون جزءاً من استراتيجيته في الظهور أمام الرأي العام. ولكن في الوقت ذاته، كان من الممكن أن يلعب هذه الورقة بشكل أكثر ذكاءً وحنكة، ليضمن لنفسه مخرجاً آمناً من هذا المأزق.

لا شك أن المقابلة كانت سبقاً صحافياً، لكنها وضعت الدولة في موقف محرج أمام الشعب، وزادت من ترسيخ الفكرة السائدة بأن جريمة بهذا الحجم، وإصدار شيكات هائلة العدد، لم تكن لتتم دون تواطؤ أطراف أخرى.

 

 


المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author