المسلة

المسلة الحدث كما حدث

ماذا يقول القضاء الأعلى عن آليات حل البرلمان؟

ماذا يقول القضاء الأعلى عن آليات حل البرلمان؟

10 أغسطس، 2022

بغداد/المسلة: أصدر رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان، في الأول من ابريل ٢٠٢٢ ، توضيحاً بشأن جزاء مخالفة القاعدة الدستورية وحل البرلمان.

نص المقال:

“الجزاء هو الأثر المترتب على مخالفة القانون ويفرض من قبل القضاء وقد يكون بصورة الجزاء الجنائي بحق من يخالف القانون الجنائي اما بعقوبة بدنية على جسد الانسان كالإعدام أو على حريته بسجنه او حبسه وقد تكون العقوبة مالية اما الصورة الثانية للجزاء فهي الجزاء المدني الذي يترتب اثر مخالفة القوانين الأخرى عدا القانون الجنائي حيث يفرض عند التعدي على حق خاص أو أنكاره دون أن يمس هذا الاعتداء المصلحة العامة أو يخل بالنظام الاجتماعي فتكون نتيجته أصلاح الضرر او أزالته وهو بذلك حق خاص لمن لحقه الضرر، والصورة الثالثة للجزاء هي الجزاء التأديبي الذي يفرض عند مخالفة القانون الذي ينظم الوظيفة العامة مثل عقوبة التوبيخ او الإنذار أو الفصل التي تفرض من قبل الرئيس الأداري للمخالف.

وأضاف: أما بالنسبة لمخالفة القاعدة الدستورية فأن الجزاء يكون بصورتين الأولى جزاء غير منظم يتمثل في الضغط الشعبي لحماية القواعد الدستورية ذلك أن السلطة التي تخالف الدستور لا تعترف بتلك المخالفة وانما تضع تفسيرات لتصرفها تحاول بها الظهور أمام الراي العام بمظهر عدم ارتكاب ما يخالف الدستور، وفضلا عن هذا الجزاء فأن الصورة الثانية تتمثل في الجزاء المنظم لحماية القاعدة الدستورية بنص الدستور على الرقابة المتبادلة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية بما يحقق التوازن بينهما أذ تنص دساتير الدول التي تتبنى النظام البرلماني على وسائل متساوية للضغط والرقابة المتبادلة لكل سلطة في مواجهة السلطة الأخرى بحيث لا تسيطر أحداهما على الأخرى وتخل بهذا التوازن ومن أهم الوسائل التي تملكها السلطة التشريعية تجاه السلطة التنفيذية هي الاستجواب وسحب الثقة وهذه الوسيلة نص عليها دستور جمهورية العراق لسنة 2005 في المادة (61/ ثامنا). وفي المقابل يعد حل البرلمان أداة التوازن الرئيسية بين السلطتين التشريعية والتنفيذية ويعتبر اهم وسيلة للسلطة التنفيذية في مواجهة السلطة التشريعية ويعد سلاحا موازيا ومقابلا لحق البرلمان على الحكومة بإرغامها على الاستقالة او سحب الثقة عنها وقد نص دستور جمهورية العراق لسنة 2005على إجراءات حل مجلس النواب بموجب المادة (64/أولا) منه بطريقين الأول حل ذاتي يختص به مجلس النواب بناء على طلب من ثلث أعضائه والتصويت بموافقة الأغلبية المطلقة لعدد أعضائه على هذا الطلب وهذا الاجراء لا يتوقع حصوله عمليا اذ أن معناها أن السلطة التشريعية أوقعت الجزاء (حل البرلمان) على نفسها. أما الطريق الثاني يتمثل في طلب من رئيس مجلس الوزراء وبموافقة رئيس الجمهورية يقدم الى مجلس النواب واشترط النص لنفاذ هذا الطلب موافقة الأغلبية المطلقة لعدد أعضاء مجلس النواب, وحق الحل وفق هذه الشروط سيكون من الصعب اجراءه وبذلك تفقد السلطة التنفيذية وسيلة التأثير على السلطة التشريعية مقابل امتلاك مجلس النواب لوسيلة سحب الثقة من الحكومة مما يخل بالتوازن السياسي والدستوري بين السلطتين (وقد اشرنا لهذه الإشكالية مفصلا في أطروحة الدكتوراه المقدمة الى الجامعة الإسلامية في بيروت في سنة 2020).

واليوم يشهد الواقع السياسي العراقي مخالفة صريحة لقاعدة دستورية منصوص عليها في المادة (72/ثانيا/ب) من الدستور بتحديد مدة استمرار رئيس الجمهورية بممارسة مهماته الى ما بعد انتهاء انتخابات مجلس النواب الجديد واجتماعه في مدة أقصاها ثلاثين يوما من تاريخ اول انعقاد للمجلس ووجوب انتخاب رئيس جديد للجمهورية خلالها الا ان ذلك لم يحصل بسبب عدم الاتفاق السياسي بين الأحزاب والقوى السياسية المكونة لمجلس النواب ورغم ان المحكمة الاتحادية العليا اجتهدت لإيجاد مخرج لهذه المخالفة الدستورية عندما اجازت استمرار رئيس الجمهورية بممارسة مهماته لحين انتخاب رئيس جديد بموجب القرار الصادر بتاريخ (13/2/2022) بالرقم (17/اتحادية/2022) ألا ان هذا الاجتهاد وان كان ضروري لتلافي حالة خلو المنصب وما يترتب عليه من إجراءات غير متفق عليها سيا اسيا الا انه لم يكفي لمعالجة الاستمرار في مخالفة الدستور الى اجل غير مسمى بسبب شرط اغلبية الثلثين المنصوص عليه في المادة (70/أولا) من الدستور الخاص بنصاب انعقاد جلسة مجلس النواب المخصصة لانتخاب رئيس الجمهورية وعدم النص على وجود (جزاء دستوري) إزاء هذه المخالفة، لذا نرى تعديل النص الدستوري الوارد في المادة (64/أولا) بان يكون حل مجلس النواب بقرار من رئيس مجلس الوزراء وبموافقة رئيس الجمهورية على ان لا يكون اثناء مدة استجواب رئيس الوزراء وبذلك يتحقق التوازن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية بان يكون جزاء مخالفة القاعدة الدستورية بقرار من السلطة التشريعية في حال مخالفتها من قبل السلطة التنفيذية بسحب الثقة عنها، والعكس صحيح يكون الجزاء بقرار من السلطة التنفيذية (رئيس مجلس الوزراء ورئيس الجمهورية مجتمعين) في حال مخالفة القاعدة الدستورية من قبل مجلس النواب عن طريق حل المجلس بدون شرط موافقة مجلس النواب على إجراءات الحل ولضمان عدم تعسف السلطة التنفيذية في إيقاع الجزاء بحل مجلس النواب ولأهمية هذا الاجراء حصرا يكون قرار حل مجلس النواب الصادر من السلطة التنفيذية قابل للطعن امام المحكمة الاتحادية العليا.


المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author