بغداد/المسلة: في قلب المشهد العراقي، تبرز المؤسسة العشائرية كإحدى الركائز الاجتماعية الأكثر تأثيرًا، حيث تجمع بين التاريخ الطويل من القيم والتقاليد وبين الدور المتنامي في الحياة العامة. ومع ذلك، فإن هذا الدور لا يخلو من الإشكاليات التي تعكس تناقضات الواقع العراقي، فالعشائر التي كانت على مر العصور رمزًا للحكمة وحل النزاعات، أصبحت اليوم ساحةً للصراعات أحيانًا، وعائقًا أمام تطبيق القانون أحيانًا أخرى.
وفي حين أكد رئيس تحالف قوى الدولة الوطنية، عمار الحكيم، على الدور المحوري الذي تلعبه المؤسسة العشائرية في حفظ استقرار العراق، مشيرًا إلى التضحيات الكبيرة التي قدمها أبناء العشائر من مختلف المكونات، فان الإشكالية تتجلى في تداخل الأدوار؛ حيث تجاوزت بعض العشائر حدود العمل الاجتماعي التقليدي إلى مجالات السياسة والأمن، وأحيانًا الاقتصاد.
وفي الوقت الذي يُنتظر من العشائر أن تكون حامية للنسيج المجتمعي، فإن انتشار السلاح المنفلت واستخدامه في نزاعات محلية بات يهدد السلم الأهلي، ويضع الدولة أمام تحديات جسيمة لاستعادة هيبتها وفرض سيادة القانون.
وفق تقارير وتحليلات أمنية، تُعد المؤسسة العشائرية في العراق سلاحًا ذا حدين. فبينما تمثل ركيزة اجتماعية وثقافية، يرى مراقبون أن امتلاك العشائر لترسانة من الأسلحة التي تفوق تسليح بعض فرق الجيش، قد يعرقل جهود الحكومة في فرض الأمن.
وذكرت مصادر أمنية أن بعض العشائر باتت تستخدم هذا السلاح في نزاعات داخلية، تتحول أحيانًا إلى معارك دامية تخلف عشرات القتلى والجرحى، كما حدث مؤخرًا في مدينة الناصرية، حيث عجزت القوات الأمنية عن التدخل لوقف نزاع مسلح بسبب كثافة النيران وتوازن القوى بين الأطراف المتنازعة.
وتحدث مصدر سياسي عن الدور المتنامي لبعض العشائر في السياسة العراقية، قائلًا: “العشائر لم تعد مجرد قوة اجتماعية، بل أصبحت لاعبًا سياسيًا واقتصاديًا قويًا.
وهناك عشائر تتدخل بشكل مباشر في تعيين وإقالة المسؤولين الحكوميين، وهذا يشكل تهديدًا لدور الدولة.” في حين ذكرت تحليلات اقتصادية أن رجال الأعمال والمستثمرين غالبًا ما يتعرضون لضغوط وابتزاز من قبل جهات عشائرية، ما يعرقل جهود التنمية في المناطق الريفية والحضرية.
وشدد الحكيم بسبب ذلك على اهمية دعم العشائر للاستثمار والمستثمرين وخلق بيئة استثمارية جاذبة لرؤوس الأموال، وقال أن البيئة الاستثمارية جزء منها اجتماعي وجزء منها قانوني وإداري.
وفي هذا الإطار، أشار أحد المدونين عبر منصة فيسبوك إلى أن “دواوين العشائر يجب أن تتحول إلى مدارس لتعليم الشباب مبادئ المعارضة والموالاة بشكل حضاري، بدلًا من تحويلها إلى ساحات للثأر والحروب.”
و تحدثت مصادر عن مبادرات حكومية مرتقبة لإعادة تنظيم علاقة الدولة بالعشائر، من خلال برامج نزع السلاح مقابل التعويض، وتعزيز برامج التدريب المدني للشباب العشائري. لكن وفق تحليلات، قد تواجه هذه المبادرات عقبات كبيرة، بسبب التشابك المعقد بين العشائر فضلاً عن مقاومة بعض القوى السياسية التي تستفيد من الوضع القائم.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
أخبار ذات علاقة
مسؤول ايراني: لاريجاني التقى بالأسد في دمشق
حزب الله أرسل ألفي مقاتل إلى منطقة القصير السورية الحدودية مع لبنان
منفذ القائم الحدودي مع سوريا متاح للعراقيين فقط