بغداد/المسلة:
فرهاد علاء الدين
أمام الإطار التنسيقي تحديان كبيران لإكمال العملية الانتخابية والمضي نحو تشكيل الحكومة، التحدي الأول وهو عقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية وانتخابه، والثاني اختيار شخصية لتسنم منصب رئيس مجلس الوزراء.
وجد الإطار التنسيقي الحل للتحدي الأول بدفع الكرة إلى ملعب الكورد فيما يتعلق بأزمة مرشحهم لرئاسة الجمهورية، مطالباً الحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني بتسوية خلافهم حول مرشح الرئاسة، إلا أنّ كلا الحزبين ما زالا متمسكين بموقفيهما السابقين بدفع مرشحين للمنصب، ويرى مراقبون بأن الحل النهائي يتمثل بالعودة إلى ما جرى عليه الأمر عام 2018 بدخول كلا الحزبين بمرشحين لجلسة البرلمان وحسم الغلبة عبر تصويت أعضاء مجلس النواب.
التحدي الثاني هو الأكثر تعقيداً والذي قد يكون سبباً آخر لتأخر تشكيل الحكومة ويكمن في صعوبة الاتفاق على شخصية رئيس مجلس الوزراء القادم وكيفية توزيع الحقائب الوزارية على الكتل السياسية، والشيعية منها بوجه خاص، وسط غياب التوافق بينها بعد انسحاب التيار وتولي الإطار زمام الأمور. إلا أنّ من المتوقع أن يبقى توزيع الحقائب على حاله والذي بموجبه يكون نصيب الإطار 12 من أصل 22 حقيبة، إلا أنّ توزيعها على قوى الإطار سيكون بحاجة إلى مفاوضات صعبة، خاصة فيما يتعلق بالتوافق على آلية مشتركة مع إعلان تيار الحكمة رفضه المشاركة في الحكومة القادمة والذي سيعمق الخلاف بين الكتل المتنافسة للحصول على الوزارات المهمة.
التسابق المحموم على منصب رئيس الوزراء بدأ مبكراً، فقد عمد معظم الطامحين والطامعين بالمنصب إلى تشكيل غرف عمليات ساخنة. تتقدمهم قيادات الخط الأول مثل زعيم دولة القانون نوري المالكي ورئيس تحالف الفتح هادي العامري ورئيس تحالف النصر حيدر العبادي، في حين ترى قيادات الخط الثاني حظوظها أكبر من قيادات الخط الأول والمنافسة بينها على أشدها، وسط انطلاق حملات تسقيط واستهداف بشتى الأساليب.
يتقدم قيادات الخط الثاني رئيس مجلس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي مستنداً إلى قوة فريقه الذي مكنه من تحقيق توافق الكتل السياسية وموافقتها على تسميته رئيساً للوزراء في عام 2020 خلفاً لسلفه المستقيل عادل عبد المهدي، حيث استدعى الكاظمي فريقه السابق الذي يضم ثلاثة لاعبين مؤثرين في الساحة الشيعية، مستنداً إلى دعم إضافي من خارج الإطار الشيعي كالحزب الديمقراطي الكوردستاني وبعض قيادات تحالف السيادة. فضلاً على دعم الجوار الإقليمي المتمثل بتركيا والسعودية والإمارات وعدم ممانعة إيران من عودته إلى سدة الحكم ولعل زيارته الرسمية يوم 26 حزيران كانت مثالاً واضحاً على دعمهم له. إلا أنه يواجه معارضة يمكن وصفها بالشرسة داخل الإطار التنسيقي ولا يمكن تخطيها بسهولة أو الاستهانة بها، والقرار النهائي لاختيار الشخصية التي تتسنم منصب رئيس مجلس الوزراء يبقى مقترناً بقرار قيادات الإطار التنسيقي. القيادات الأخرى ضمن الخط الثاني تعمل بشكل خافت ودون إحداث ضجيج، بينما ينتظرون ويتربصون الفرص وفيهم من يعتقد بأن الوقت سانح هذه المرة، وبعض من هذه الأسماء المتداولة لديهم فرص حقيقية في الفوز بمنصب رئيس الوزراء هم طارق نجم، قاسم الأعرجي، عبدالحسين عبطان، علي الشكري، عدنان الزرفي، محمد شياع السوداني، علي عبدالأمير علاوي، أسعد العيداني، قصي السهيل وغيرهم.
ليس من السهولة التكهن بصاحب الحظ الأوفر بنيل ثقة وموافقة القوى السياسية وسط خلافاتها وتقاطعاتها الحادة والمتفاقمة، لكن التحدي الأكبر أمام الأوفر حظاً سيتمثل بقبول ورضا وقناعة جهات عديدة منها القوى السياسية، بالإضافة إلى مقبولية لدى دول الجوار والمجتمع الدولي، يضاف إلى ذلك قبول ورضا المرجعية في النجف الأشرف، والتيار الصدري وجمهوره القوي والذي سيرصد ويتابع ويقيم أداء الحكومة وعزمها على إصلاح الأوضاع القائمة، وفي حال وجد أنها قد لا تمثل البديل المناسب فإن رفضه لها قد يدفع الشارع برمته إلى رفضها هو الآخر مما يهدد إمكانية استمرارها.
جدير بالذكر أن المرشح لقيادة الحكومة المقبلة سيواجه تحديات كبيرة منها اتساع دائرة الفقر والبطالة وتراجع الخدمات وفي مقدمتها الكهرباء وتهالك البنى التحتية وانهيار الاقتصاد غير النفطي من الزراعة والصناعة والتجارة، وأزمات المناخ وشح المياه والتصحر. بالإضافة إلى التحديات الأمنية والسياسية في المنطقة بشكل عام وانقسامها على محورين، محور التطبيع ومحور المقاومة والعراق الذي قد يتحول إلى ساحة صراع كبيرة بين هذين المحورين.
انسحاب التيار الصدري عقّد المشهد السياسي بالتأكيد، واضعاً العراق على شفا حفرة الانهيار، وبعكس ما يتصوره البعض بأن القادم قد يكون وردياً، فإن على القيادات السياسية بشكل عام وقيادات الإطار التنسيقي بشكل خاص أن لا تستغرق برغباتها وتلهث وراء نزواتها ومصالحها الذاتية، بل عليها أن تفكر ملياً بخطواتها القادمة. وأن تغادر سياساتها السابقة التي اتسمت بالفشل وأتت على جماهيرها قبل جماهير خصومها بالخيبة والخذلان وأن الإبقاء على هذه السياسات سيفقدها وجودها ويذهب بالبلاد نحو الانهيار المحتوم.
بريد المسلة
أخبار ذات علاقة
زعماء الوسطية.. هل قادرون على توجيه السكة على مفترق طرق إقليمي؟
اشنطن “ترفض بشكل قاطع” مذكرتي التوقيف بحق نتانياهو وغالانت
القسام: أجهزنا على 15 جنديا إسرائيليا من المسافة صفر