المسلة

المسلة الحدث كما حدث

تناسل أميبي للشهادات العليا بالعراق.. ولا تأثير ايجابي لها في المجتمع

تناسل أميبي للشهادات العليا بالعراق.. ولا تأثير ايجابي لها في المجتمع

15 نوفمبر، 2022

بغداد/المسلة: تتناسل في العراق بصورة أميبية، الألقاب “العلمية”، و”الاكاديمية” و “الإدارية” وحتى “الاجتماعية” .

وثمة أدلّة دامغة على ان الكثير من المسمّيات الاكاديمية، والادارية في العراق، تُقرن بأسماء ليست جديرة بحملها بسبب ضعف المستوى العلمي، وضآلة المهارات، وضحالة التجربة، لأصحابها، الامر الذي يضطرّ الى تصنيفهم في خانة المدّعين، المزوّرين، والمستثمرين في فوضى منح الشهادات، مكللّين أنفسهم بألقاب أكاديمية، ليسوا جديرين بها، ولم تكن نتاج غمار البحث والابتكار والابداع،  بل لأجل المنصب والامتياز، والترقية الإدارية، ليس إلاّ.

وفي الدول المتقدمة، لا يضفي اللقب الأكاديمي على الفرد، صفة المهنية والعلمية والبحثية، ما لم يتناغم مع قدراته المعرفية ومهاراته، وادواته في المعالجات، بل ما لم يكن مكافئا موضوعيا لشخصيته بصورة آلية غير مصطنعة.

وفي كل المجتمعات التي تطوّرت وقطعت أشواطا متقدمة في الإنجاز، لم يكن كمّ الشهادات، هو العامل المؤثر، بل النوع.

وفي أوربا والولايات المتحدة واليابان وأستراليا، فانّ الأرقام والتجارب، تشير الى ان الكادر الوسطي المتعلّم والفنان والمبدع، هو صاحب الإنجاز العملي، وهو المطلوب توفره بكم واسع وهائل، فيما الكوادر المخططة والمبدعة، والمخترعة، يُحرَص على ان تكون نوعا خلاّقا يوجّه اسراب العاملين في الكادر الوسطي، لتنفيذ المشاريع المرسومة.

وقال الكاتب والباحث عدنان أبوزيد، ان الذي يحدث في بلادنا هو العكس، اذ تتضخم اعداد الحاملين لشهادات الدكتوراه والماجستير والبكالوريوس، بمعدلات عالية، مقابل مستوى علمي ومهني هابط، لا يرقى الى المستويات القياسية المطلوبة.

ويدعو أبوزيد وزير التعليم العالي العراقي الجديد، نعيم العبودي الى التنسيق مع الجهات المعنية لا سيما وزارة التربية ومراكز ومعاهد التدريب من أجل تعزيز الكادر الوسطي المتعلّم، بدلا من التركيز على تفريخ الشهادات العليا، فقط.

وقال ان هذه النقائض تولّد مجتمعا غير قادر على مواكبة العصر، بسبب غياب المهارات لدى كل من حامل الشهادة، الكادر الوسطي، فضلا عن غير المتعلم.

وتبرز الحادة الى تفعيل التأثير الاجتماعي للشهادة، لا فقط لدور  في الحصول على المناصب والوظائف والجاهات المنتحلة، فما معنى الألقاب الاكاديمية في مجتمع، يعاني من ازمة اقتصادية وخدمية وصحية خانقة من دون ان يكون الطبيب والمهندس وحامل الدكتوراه، الأداة في تجاوزها، بل يزيد من اوارها حين يصبح عالة على المجتمع، بسعيه الى الامتيازات والمناصب من وراء اللقب، لا خدمةً المجتمع في التخصّص الذي يدّعيه.

وبعيد سقوط النظام السابق العام ٢٠٠٣، انخرط طلاب في الدراسة بجامعات تمنح شهادات عليا مقابل المال، دون جهود علمية حقيقية، بعدما دفعوا مئات الدولارات لأجل الحصول على شهادة جامعية أو عليا من هذه الجامعات التي فتحت فروع لها في المدن العراقية، دون ترخيص من السلطات. وبعد ان اكشفوا انهم تعرضوا الى عملية خداع كبيرة، من قبل الجامعات التي تمنح شهادات لا فائدة منها ، أو لقب أكاديمي لا فائدة من حمله سوى بالاسم .

و يقول رزاق هادي الحسني الذين حصل على شهادة البكالوريوس من جامعة مقرها في هولندا ، انه حين اكتشف مع مرور الأيام ان اسلوب التدريس عن بعد ، وطريقة اداء الامتحانات والدرجات الجيدة التي كان ينالها من دون تعب حقيقي ، جعله يشكك في قيمة الشهادة التي ينالها ، وهذا ما حدث بالفعل فحين نال الشهادة ، حاول ان يقدم نفسه بصفته الأكاديمية الجديدة وشهادته الجامعية لكن المفاجأة التي وقعت كالصاعقة على رأسه ان هذا الشهادة لا تتجاوز في قيمتها ثمن الورق والحبر الذي كتبت به ، وهو يأسف للمبالغ التي دفها والتي بلغت اكثر من ثلاث آلاف دينار .

وشاعت في الآونة الأخيرة ظاهرة (شهادات الدكتوراه) الفخرية والشهادات التقديرية والدروع الإبداعية، حيث يقبل مئات الطلاب سنوياً، للتقديم على الدراسات العليا، بهدف الظفر بشهادة الماجستير او الدكتوراه.

ورصدت المسلة الجدل على التواصل الاجتماعي حول الكم الهائل من رسائل الماجستير والدكتوراه في البلاد.

و في تدوينة على حسابه بالفيسبوك نقرأ: كافي رسائل دكتوراه وماجستير ، احترموا أنفسكم قبل التعليم.. حتى غوغل راح ينتحر من النسخ واللصق.

وتوالت التفاعلات مع التدوينة :

Ameen Alsultan: البلد يفتقر للتخطيط الاكاديمي العملي الذي يحدد حاجة البلد لأصحاب الشهادات العليا وحسب الاختصاصات.. يجي يوم نرى موظف استعلامات صاحب شهادة ماجستير لكثرتهم والبكلوريوس والدبلوم ليس له حضور في مؤسسات الدولة.

حيدر الشمري: آلاف الشهادات العليا .. وإنتاج ماكو .. رواتب خرافية .

سمير الاسديالحصول على الشهادة ليس حبا بالعلم بل من أجل زيادة الراتب.

Jinan Alsaffar: ليس حبا بالمؤهل وانما طمعا بامتيازاته الانفجارية.

رحيم العكيلي: تصور احدى ثانويات بغداد المسائية اصبح لديهم 5 يحملون الدكتوراه و 8 يحملون الماجستير بكون ظروف عملهم تساعدهم على الدراسات العليا التي يقصدون منها رفع وتيرة رواتبهم لا الكفاءة العلمية.

اعداد سجاد الخفاجي


المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لا يعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.