المسلة

المسلة الحدث كما حدث

العراق.. عوامل القوة والضعف

15 ديسمبر، 2022

بغداد/المسلة:

عباس الموسوي

لا يختلف اثنان في أنّ الموقع الاستراتيجي للعراق الرابط بين القارات، هو نقطة التقاء وتقاطع المشاريع الإقليمية، السياسية والاقتصادية، ما جعله يكتسب أهمية استثنائية لدى مراكز القرار في الدول المجاورة للعراق والدول الكبرى التي تتصارع على الهيمنة ومراكز النفوذ.
وكي لا يكون الاستنتاج عاطفيا، بلا حقائق، فسوف نوجز الأهمية الاستراتيجية في مجالات، الموقع الجغرافي، الثروات، والتنوع القومي، والديني والمذهبي.

استثمار الموقع الجغرافي:

يؤثر موقع العراق الجغرافي، على توجيه الاحداث السياسية، فحتى الداخلية اكتسبت أهمية كبيرة لدى الدول، وسعت إلى توجيهها لصالحها، وقد دفعها ذلك إلى التدخل المباشر في شؤونه عبر الانقلابات، بل وغزوه واحتلاله منذ حروب الاسكندر، والغزو المتكرر من قبل الدول المجاورة، من اجل بنا الامبراطوريات، إلى الحملة البريطانية في الحرب العالمية الأولى، ثم الغزو الأمريكي للعراق العام ٢٠٠٣.
وإذا كان العراق عبر التاريخ ممرا لقوافل التجارة لنقل السكر والتوابل والعاج والبخور والحرير والاحجار، فانه اليوم محطة رئيسية في نقل الطاقة، والنقل البري، وهو قلب طريق الحرير، والرابط البري الأقصر بين الخليج واوربا، بل انه
أقصر الطرق الجوية التي تربط اوربا بالهند والشرق الأقصى.
يتيح الموقع الجغرافي، تحويل المطارات العراقية والسكك الحديد إلى رابط بين الشرق بالغرب.
كما إن انشاء القناة الجافة والاسهام بطريق الحرير، يحول العراق إلى محطة اقتصادية وتجارية محورية.
ويتيح توسط العراق لدول الإقليم، عقد شراكات اقتصادية قوية لصالحه.

توظيف الثروات:

من المعروف إن العراق، يحتل مركزا متقدما في القائمة العالمية للاحتياط النفطي، بنحو 142 مليار برميل.
وفي العام 2014 اعتبر المعهد الأمريكي للطاقة أن العراق يعد واحدا من أغنى الدول في الثروات الطبيعية مثل الفوسفات والغاز والكبريت.
ومع ذلك، فان ملايين العراقيين يرزحون تحت خط الفقر، نتيجة سوء التخطيط وعدم قدرة الدولة على تسخير الواردات النفطية في مشاريع التنمية.
وأسرع الحلول هو استثمار النفط ليس فقط للتصدير، بل في التأسيس لصناعات بتروكيماوية، ورفع مستويات
النزاهة والإدارة، إلى مستويات مقبولة، ومن دون ذلك سوف لن تحقق الميزانيات الانفجارية أية نتائج، كما يتوجب الاتجاه إلى تنويع الاقتصاد في الاستفادة من الثروات الأخرى في الزراعة والصناعة لخلق فرص العمل، التي تقلل من أعباء الرواتب على الموازنة.

إدارة التنوع:

والتنوع القومي والديني والمذهبي في العراق يفوق مستوياته في الدول الأخرى، لما حظي به من تجمعات بشرية عبر تاريخه الطويل، نسج فيه الزمن سجادة عظيمة متعددة الألوان ومتشابكة الاشكال منذ الحضارات الأولى في وادي الرافدين حيث برزت القوميات العربية والكردية، والتركمانية، إلى جانب الآشورية، والأرمنية، والكلدانية، فضلا عن الأديان الكبرى وهي الإسلام والمسيحية والاقليات الدينية والإثنية مثل الصابئة و الشَّبَك والأيزيدية، والشركس واليهودية، والزرادشتية، والبهائية، والكاكئية.

وإدارة التنوع، سوف تجعل من العراق قبلة سياحية ودينية لأبناء الأديان والقوميات، الامر الذي يجعل منه محجة سياسية ودينية، كما يؤسس فيه المحور لتلاقي الشعوب والأديان، ولن يحدث ذلك الا بحل المشاكل البينية.

ولكي يسود السلام والاستقرار، ويتحول الكلام الافتراضي عن كون العراق قبلة العالم إلى مشروع واقعي ملموس، فان على مراكز القرار العراقي، التحييد الدستوري للخلافات والتناقضات، وابتكار صيغة تعزز الانسجام نحو هوية عراقية واحدة تحتوي كل التعريفات الفرعية.

ولم يعد كافيا، الاعتراف بالتنوع في العراق، بل يجب تحويله إلى أداة تعزز الاستقرار والامن والاقتصاد وتحويله إلى رافد مالي عبر السياحة لاسيما الزيارات والاحتفالات الدينية.
كما لم يعد كافيا، الاكتفاء بتحقيق نسبي للتعايش والتهدئة، بل في اشراك افراد الأقليات في مراكز القرار وفي البرامج الاقتصادية وتوزيع الثروة بشكل عادل لتحقيق الاندماج الوطني.


المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.