بغداد/المسلة:
حسن آل سلطان
ما هي التجارب السياسية والفكرية؟
وما هو النسخ الفكري؟
تساؤلات كثيرة بدأت توارد العقل العربي وأصبحت الشغل الشاغل للمجتمعات الشبابية.
ربما يتساءل البعض لماذا نطلق على (الفئة الشبابية) بالمجتمعات الشبابية؟
أولاً: لأن الشباب هم اكسير الحياة وديمومة بقاء الأمم.
ثانيًا: هم العصب الأساسي للتغيير ومنهجيات الإصلاح السياسي والاقتصادي لشعوب المنطقة.
ثالثًا: جاء في بعض الدراسات للمراكز العالمية أن الشباب يشكلون أكثر من 32٪ من المجتمع العربي ككل.
والسبب الأخير عندما نراقب هذه المجتمعات نجدها تحمل الأفكار والمتبنيات العقدية والسلوكيات الخاصة بها، كلٌّ على حِدَة والرابط المشترك بينهم هو الشبابية.
وهنا نود أن ننوه حول التجارب السياسية والاجتماعية المستنسخة من قبل بعض المفكرين والسياسيين في الآونة الأخيرة،
إن المشاكل التي تعاني منها عقلية الشاب العربي أسبابها كثيرة وإذا أردنا تسليط الضوء عليها، فلا يسعني الخوض في غمارها، لكن سنذكر عنصرًا مهمًا جدًا وهو تشكيل الأفكار والآراء المجتمعية بسبب النسخ الفكري للتجارب سواء كانت سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية.
إن تشكيل الآراء والمفاهيم يعد أخطر موضوع يساهم في عقمنة العقل العربي والحد من تفكيره.
من خلال التلقين لمدعي الفكر والتنظير الذينَ ساهموا بتسطيح العقل الشبابي وادخالهم في متاهات المصطلحات الفكرية والسياسية وإمكانية تطبيقها على أرض الواقع من دون مراعاة السلوكيات والبيئات المجتمعية.
سياسية النسخ حرفياً ولد الكثير من المشاكل للبنية الفكرية والاجتماعية، لذلك هناك فرق بين:-
فهم التجربة
ونسخ التجربة
لا ضير بأن نطلع على تجارب الأمم ودراسة عوامل النهوض الفكري والإستفادة منها، لكن ليس على حساب عقمنة العقل العربي، فالمجتمع له مقوماته الفكرية التي يمكن من خلالها صناعة تجارب يشار لها بالبنان إذا ما أتيحت لها الظروف الحقيقية لبناء الإنسان.
نحن مجتمعات عربية وإسلامية لنا مالنا وعلينا ما علينا، هناك مراحل فشلنا بها فلابد أن نصنع مراحل النجاح للنهوض بالواقع، الكثير من تكلم ونظر إلى “مجتمع الوفرة” الذي تخيله المنادون بالراسمالية والاشتراكية انه المخلص للمجتمعات العربية.
أخفقت اغلب التجارب السياسية والاقتصادية المترجمة المنقولة بسبب:
أولاً :التعميم.
وثانياً :تغيب البيئات الحضارية والثقافية.
(فالدواء الذي يوصف لنفس المرض يتفاوت باستجابته من جسم إلى آخر رغم الداء والدواء واحد)
فكيف يكون الحال بتكوينات نفسية وتربويات عقدية.
وبمن حلم بما سماه المفكر الألماني الأمريكي ماركيوز “مجتمع الوفرة” في ستينيات القرن الماضي تحول إلى كابوس تحولت الوفرة إلى مديونيات وارتهانات سياسية واقتصادية أغرقت العباد والبلاد.
لذا انبرى الكثير من المفكرين والنخب السياسية والاقتصادية والفكرية عندما شاهدوا تراجع أوربا، بنقد الماركسية الكلاسيكية وفكرة الرأسمالية الشمولية.
وحين نقرأ للمفكر الفرنسي التوسير كتابه نقد فيه الماركسية، كان السبب الرئيسي لهذا النقد أن أوربا لها مشتركات ثقافية صحيح، لكن هناك فوارق مجتمعية حقيقية تمنع من التطبيق بالعموم، لذا أعيد النظر في الكثير من النظريات الفكرية والاقتصادية،استطاعوا من خلالها ردم الفجوة التي كان من المحتمل وقوعها لأنهم أصحاب التجربة.
أما الأمة العربية كانت منشغلة بالتقليد والترجمة الحرفية للتجارب ونسوا وتناسوا المفكرين والمنظرين العرب واحزابها، إلى التحولات التي حدثت في الغرب لكي يتداركو الأمر، كان على بعض الكتاب المتأثرين بالغرب أن يذكروا حالات الطقس في موسكو أو لندن و واشنطن أحرى بهم، لأنهم لم ينسوا شيء لم يذكروه فقط هذا الأمر نسوه،
(غيبوا العقول…. فغاب الفكر العربي)
حاولوا نقلها للمجتمع رغم التباين الكبير الأنماط والسلوكيات ففشلوا.
وإذا انبرى بعض المثقفين أو العلماء لتصحيح المسار يتصدى لهم بالاتهامات قد تصل إلى حد التخوين والعمالة، من قبل واجهات ثقافية دأبت باحتيالها على المفاهيم والمصطلحات ليبرور فشلهم وفشل نظماً استبدادية وفاسدة في بلدانهم حتى ظهر مرض “فوبيا النقد”.
“فوبيا النقد” ظهرت هذه الحالة في المجتمع العربي حتى صار مرض معدي ينتشر باوساط المثقفين، والمثقف يتردد الف مرة قبل أن يدخل الصراعات النقدية لتصحيح المسار الفكري أو السياسي.
(ويبدو أنه غريب يسبح ضد التيار أو يغرد خارج السرب)
أن ما نتخوف منه في الآونة الأخيرة هو ترسيخ آخر للتجارب ورسم سياسة الويلات على المجتمعات لكن بمفاهيم وسلوكيات مختلفة تحاول أن تجدد العولمة، ذات الشعارات الرنانة والمرشحة للتعميم، ونبتعد عن خلق حراك حقيقي ينهض بالمستوى الفكري والسياسي والاقتصادي.
(أن من يفكر انه تفوق وهو يتشبه بالآخر سيعيش حالة اغتراب مزدوج بين الواقع الفكري والنسخ الفكري)
لأنه لم يرتكز على أسس ومعايير تمكنه من النهوض بالواقع والاستفادة من التجارب بما هي تجارب لا تتعارض مع واقعه الديموغرافي.
رسالتي إلى شباب العربي :
استفد من التجارب لصقل موهبتك وزيادة ثقافتك المعرفية لكن ليس على حساب عقلك وسلوكياتك المجتمعية، أن فهم التجارب أفضل بكثير بأن تبقى حبيس وهم التجربة المستنسخة.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
أخبار ذات علاقة
كيهان تكشف عن التحالف الذي أسقط الأسد: تكفيريون من تركيا بدعم أمريكي
واشنطن والدوحة تتواصلان مع هيئة تحرير الشام والجماعات المسلحة في سوريا
سقوط الأسد كشف عن أطماع إسرائيل ونتنياهو: الجولان لنا إلى الأبد