المسلة

المسلة الحدث كما حدث

ما وراء التقديس السياسي: آثاره ومعالجاته!

ما وراء التقديس السياسي: آثاره ومعالجاته!

18 أبريل، 2023

بغداد/المسلة الحدث:

بليغ ابو كلل

لقد تغيّرت مفاهيم القيادة والتأثير السياسي في عصرنا تغيّرًا جذريًا، فلم يعد تقديس القادة سياسة مقبولة أو مؤثرة بين الناس. إنّ ممارسة التقديس يؤدي -بلا شك- إلى فقدان ثقة الجماهير العامة بالقيادة وزيادة البعد عنها!

يُفترض بالقائد السياسي الناجح أن يتميز بقدرته على إقناع أتباعه بفكره ورؤيته وأن تكون هذه القناعة هي المرتكز الأساس في قيادته لهم وللناس من بعدهم، بدلاً من التركيز على شخصه أو إرثه الديني أو العائلي أو القومي أو المناطقي وإن كانت هذه الأمور تُعتبر مزايا إضافية لو استندت إلى الفكر والقدرات الذاتية للقائد. إن ما نشاهده من سلوكيات وتعليقات تقدس القيادات ومواقفها السياسية من دون تقديم أدلة على صحة تلك المواقف وخاصة على وسائل التواصل الاجتماعي تؤدي إلى عزلة القائد عن المجتمع ونفوره منه حتى وإن كان ما يطرحه صحيحًا. القاعدة الطردية تقول: كلما زاد تقديس أتباعك لك كلما قلّت ثقة الناس بك وتضاءلت منزلتك عندهم!

النقد البناء للقائد -حتى وإن كان خاطئًا- أفضل من المدح والثناء الذي قد يسبب طغيانه وفقدان رؤيته واتزانه. لا ينبغي للقائد أن يسعد بهذه التعليقات والآراء التي تقدسه، لأنها ستكون سببًا رئيسًا في سقوطه السياسي.

على القائد أن يحافظ على تواضعه وأن يعترض على سلوكيات التقديس مفرطها وقليلها من جانب أتباعه. هناك مسؤولية أخلاقية تقع على عاتق الأتباع الواعين أن يُذكّروا قائدهم دومًا بأن رأيه وقراراته تأتي من كونه إنسانًا وليس مصدرًا ربانيًا! كما أن الإيمان بالأفكار وتسويقها وتبنيها أكثر قيمة من تسويق الأشخاص وتقديسهم.

إحالة القائد السياسي إلى مستوى التقديس الديني هو خطأ فادح يجب تجنبه. هذا الربط قد ينتج عنه انحرافات أخلاقية وكوارث اجتماعية وسياسية. يتعين على القائد الحقيقي وأتباعه الواعين العمل سويًا لتطوير رؤى سياسية واقعية ومستدامة، بعيدًا عن التقديس والمجاملات التي تسبب انتفاخًا سرعان ما سينفجر!


المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.