بغداد/المسلة الحدث:
غيث السوداني
الأنا الناجية، والنحن المُقدسة تتمثل بمفاهيم يؤمن بها الشخص او الجماعة والتي يعتقد اويعتقدون انها تُمثل كيانهم الوجودي بعيدآ عن منطقية الأنا والنحن من عدمها، حيث ترى عامة الناس يتصارعون حول اثبات افكار ومفاهيم اعتنقوها، وهذا الصراع ليس لاجل الفكرة نفسها، بل لاجل الانا التي تعتقد بتلك الفكرة، فهو يعتقد وينطلق من مُنطلق ان الفكرة هذه لو أُثبت فشلها مقابل فكرة اخرى مضادة، فهو ليس فشل الفكرة بشكل منطقي او علمي، لا بل يراها فشل لذاته الذي اعتنق هذه الفكرة، وبالتالي يراها فشل لكيانه الذي عبر عنه من خلال اعتقاده بتلك الفكرة، وهذا ما يجبره على الدخول في جدال عقيم وتصارع يصل لمرحلة العصبية التي تنفر من ذات الطرف الأخر وتحاول التنكيل بذاته لصحة فكرته او مُعتقده، ومن هنا تبدأ مرحلة جديدة من اسوأ مراحل التاريخ البشري الممزوجة بالصراع الذي قد يصبح دمويآ لأثبات فكرة تُعبر عن كيان لشخص او مجموعة ولا تُعبر عن حقيقة واقعية.
فمثلآ تجد عامة الناس يتصارعون لأثبات ان ايديولوجيتهم او عقيدتهم هي الصح، في حين هم لم يطلعوا على ابسط المفاهيم لتلك الايديولوجيا، متغافلين او غافلين امكانية قد تكون عقيتهم وعقيدة الاخر على حق، وليس بالضرورة عندما تكون واحدة صحيحة فالاخرة تعني انها خطأ !، هذه العقلية لا تؤمن بالمشاركة ولن تخلق مجتمعا قائمآ عليها يؤمن بالسلام بين الايديولوجيات للعيش على هذه الارض او تلك.
وقد تجد ذلك جليآ حتى في ابسط الصراعات الفكرية، في كرة القدم مثلا، كل شخص يدافع عن فريق بشكل مستميت يرى فيه نجاح ذاته للتعبير عن نفسه بين الجماعة بهذه الصورة وهذا الانتماء العصبي المُطلق، في حين هنالك جوانب اخرى يعبر فيها الفرد عن ذاته وسط الجماعة مثل مجال الفنون والأدب والعلم وحتى الرياضة لمن يمارسها ويؤمن بالفوز والخسارة وتقبل الاخر في كل الاحوال… لا ننسى في في فترة ليست ببعيدة رأينا ورأى اغلبنا كيف الناس تتصارع بالكلام وتحاول اثبات ذاتها من خلال افضليه اللقاح المضاد لفايروس كورونا الذي اخذه كل فرد، فهنالك افراد تلقوا اللقاح اللامريكي، وهنالك اشخاص تلقوا اللقاح الصيني، واخرين تلقوا البريطاني… حيث تجد كل شخص يحاول ان يثبت (بدون ادنى علم) حول اللقاحات هذه بأن اللقاح الذي تلقاه هو الافضل والبقية هم الافشل، وهذا في الحقيقة ليس الا نوع من انواع التعبير عن الذات لدى افراد العامة مقابل تدني التعبير عن الذات بمجالات اخرى هي الاهم كما اشرنا سابقآ.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
أخبار ذات علاقة
فراغ استراتيجي في قلب الشرق الأوسط يؤثر على العراق
أنبوب الغاز التغير السياسي في سوريا
مستقبل الاقتصاد السوري