المسلة

المسلة الحدث كما حدث

لا مجال للتنمية من خلال التعويل على البنك الدولي

لا مجال للتنمية من خلال التعويل على البنك الدولي

4 يونيو، 2023

بغداد/المسلة الحدث:

سلام عادل

سكتت حكومة السوداني عن قرار الرئيس الامريكي جو بايدن بتمديد حالة الطوارئ في العراق، والذي صدر قبل نحو اسبوعين، وحتى اللحظة تتوارى الحكومة والسلطة التشريعية وحتى فصائل المقاومة خلف جدران الصمت، ولا تثير وسائل الاعلام ومنصات التواصل هذا الموضوع السيادي الأهم بالنسبة للعارفين بشؤون السياسة والاقتصاد.

وفي المقابل نلاحظ جدلاً لا معنى له يدور حول (التنمية) المزمع اطلاقها بعد التصويت على الموازنة الاتحادية، التي من المقرر أن تكون لمدة ثلاث سنوات، وهي موازنة انفجارية، كما توصف، من ناحية حجم المبالغ التي سيتم صرفها، إلا إنها انفجارية أيضاً من ناحية العجز الهائل الذي تنطوي عليه، ومن غير المفهوم لماذا يتم تخصيص صرف كبير يترتب عليه عجز كبير؟!، إلا في حال كان الهدف القيام بعملية سحب شرعية لكل ما موجود في حسابات الدولة من أموال.

وهذه المرة الـ20 التي يتم فيها تجديد (الأمر التنفيذي) ذي الرقم (13303) الخاص بالعراق، الذي وقعه الرئيس جورج بوش الابن بعد الاحتلال في 2003، وهو يمنح صلاحيات فوق الطبيعية تسمح لرئيس البيت الابيض بتجاوز ضوابط التشريعات الامريكية، من أجل حماية المصالح الامريكية والامن القومي، وهي حالة متاحة في واشنطن منذ عام 1977.

وتحت غطاء هذا (الأمر التنفيذي) تم تنفيذ عملية اغتيال قادة النصر، التي وقعت احداثها في مطار بغداد مطلع العام 2020 بتوجيه من الرئيس الامريكي السابق دونالد ترامب، وهو الأمر نفسه الذي يجيز لأي رئيس أمريكي تنفيذ ما يشاء داخل الأراضي العراقية.

ولعل مهمات القواعد العسكرية الامريكية الموجودة في العراق حالياً ترتبط بواجبات تتعلق بهذا الأمر، وهو ما يجعل العراق بمستوى سوريا على لائحة التصنيفات الامريكية، بحكم وقوع سوريا هي الاخرى تحت احكام امر تنفيذي اخر.

ويجري في وسائل الاعلام تسمية (الأمر التنفيذي) بـ(إعلان حالة الطواريء) وهو معنى له مغزى سياسي واقتصادي يجعل من البلد الذي يُعلن فيه بلداً على لائحة البلدان القلقة وغير الآمنة، ما يعني بلداً غير جاذب للاستثمارات او التبادلات التجارية، وهو ما خلق سمعة سيئة للعراق أمام الشركات ورؤس الاموال العالمية.

ولذلك تتجنب الشركات الامريكية العمل في العراق، يشمل ذلك تجنب العمل في اكثر القطاعات ربحاً، مثل قطاع الطاقة والنفط، ويتضح ذلك اكثر عندما نشاهد قيام شركة اكسون موبيل الامريكية ببيع ما تحصل عليه من عقود، في اكثر من مرة، لشركات صينية وروسية.

ولا يوجد في العراق استثمارات امريكية ولا حتى تبادل تجاري إلا في حدود (بضائع ستوك)، وهي تظهر على شكل مكائن ومعدات مستعملة من ضمنها سيارات خارجة عن الخدمة بسبب تعرضها للحوادث، وباستثناء فتح فرع وحيد لسلسلة مطاعم (كنتاكي) مؤخراً في احد اغنى أحياء العاصمة بغداد، مع كون هذا المطعم من أسوأ أنواع المطاعم في العالم، وهو الارخص، ويعتبر من المطاعم الشعبية التي تنتشر حصرياً في أحياء السود والمهاجرين.

وقد سعت السفيرة الامريكية لدى بغداد بنفسها لفتح فرع كنتاكي في الجادرية، وهي محاولة من قبلها لتحقيق منجز تجاري على الأرض ربما يسجل لها كرصيد نجاح خلال عملها الدبلوماسي.

وربما السفيرة الامريكية لا تفهم، او تتغابى عن أثار ما تفعله الادارة في واشنطن عندما تقوم في كل سنة بتجديد حالة الطواريء، التي تؤدي الى بقاء العراق في خانة الدول الخطرة، والتي تجعل اصغر البنوك الامريكية تتجنب منح ضمانات استثمارية لفرص الاستثمار والعمل في العراق.

وفي مثل هكذا ظروف ملتبسة، تعتقد حكومة السوداني أن بامكانها اغراء البنك الدولي لتمويل مشروع طريق التنمية الذي دعت له مؤخراً، وهي تصورات غاية في السذاجة، لكون البنك الدولي لن يدخل بدولار واحد في بلدان مدرجة على لائحة الطواريء الامريكية.


المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.