بغداد/المسلة الحدث:
ساطع راجي
تعطينا أزمة رئيس البرلمان مثالا واضحا لنتائج المناورات السياسية عندما تتجاوز الدستور والأعراف الديمقراطية التي يمكن اعتبارها أرضا حراما لا يمكن تدنيسها بمحاولات الالتفاف والتلاعب بالقواعد الواضحة بما يؤدي الى الاستهانة والاستخفاف بها وترسيخ قناعة شعبية بعدم أهميتها وانها مجرد نصوص، بينما هي في الحقيقة وصفات علاجية جاهزة لكل الاختلالات وتؤدي الى شفاء عاجل الا إذا كان القصد هو قتل المريض/المؤسسة.
وصلنا الى مرحلة نحتاج فيها الى تكرار البديهيات من نوع إن “الرؤساء بشر يمرضون ويموتون ويخرجون من السلطة لأسباب كثيرة” وبالتالي لابد من استبدالهم عبر الطرق الواضحة التي وضعها الدستور مع الالتزام بالعرف الديمقراطي لكل حالة وهو ما تفعله معظم الدول بسلاسة.
ان الفشل في حل مشكلة بسيطة مثل انتخاب او اختيار أي مسؤول حالة تكررت كثيرا في العراق خلال السنوات الماضية، إذ بقي العراق دورة كاملة بلا وزراء امنيين انتهت بسقوط مساحات كبيرة على يد داعش الإرهابي، كما شغر العديد من المناصب الاخرى لفترات طويلة، وربما كانت التوازنات بين الكتل وتضارب الترشيحات عاملا معرقلا لكن هذا لا ينطبق في حالة انتخاب رئيس البرلمان فالخيارات محدودة والاختلافات لا تهدد أمن واستقرار البلاد، وحسم الاختيار بالتصويت سهل لكن الارادات الشخصية تحديدا هي المعرقلة ودافعها الأول العناد لإثبات الذات الفردية لا أكثر.
فراغ مقعد رئيس البرلمان لأشهر وتكرار مقولة ان “كل شيء بخير” رغم تدني الإنجاز يعني وجود قصدية في اضعاف وتعطيل البرلمان بما ينسجم مع مقاسات ومصالح شخصية وهو ما يؤدي الى تزايد أعداد المقاطعين في الانتخابات البرلمانية التي ستكون مجرد تنافس بين رمزيات حزبية بلا برامج ولا خطط لتحول البرلمان الى حلبة صراع بدلا من ان تكون مؤسسة تصنع مسار الدولة وتراقب كبار موظفيها وتشرع من القوانين ما يسهل حياة المواطنين.
المؤسف ان هذا الصراع غير المنتج يأتي لصالح الجهات التي ترفض الديمقراطية وتدعو لعودة الاستبداد والتفرد بالحكم وتسخر من أفضل منتجات الحضارة الإنسانية التي وقعت في أيدي لا تعرف استخدامها او ترفضها بالأساس وتتعامل معها بانتهازية تشوه الديمقراطية وتحولها الى آلية تعطيل للدولة، لكن هذه القوى، بالتأكيد، لن تتمكن من انتاج نظام بديل عن الديمقراطية البرلمانية في العراق وستلحق بها أضرار كبيرة قريبا إذا إضعف البرلمان، ولن ينتفع أحد من تصعيد المواجهة الحزبية داخل المكون الواحد التي ستعرض البلاد لإنقسامات جديدة تعرقل تنفيذ الاستحقاقات الدستورية مستقبلا.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
أخبار ذات علاقة
زعماء الوسطية.. هل قادرون على توجيه السكة على مفترق طرق إقليمي؟
اشنطن “ترفض بشكل قاطع” مذكرتي التوقيف بحق نتانياهو وغالانت
القسام: أجهزنا على 15 جنديا إسرائيليا من المسافة صفر