بغداد/المسلة: في السنوات الأخيرة، شهد العراق ازديادًا ملحوظًا في عدد الصيدليات بشكل يفوق عدد المطاعم والمتاجر في العديد من المناطق، وهذا التوسع غير المنظم يعكس حالة من الفوضى في القطاع الصحي، حيث أصبحت الصيدليات تنتشر بشكل عشوائي دون مراعاة للضوابط والمعايير المهنية.
وتفاقم الوضع نتيجة ضعف الرقابة من الجهات المختصة، ما أدى إلى ظهور صيدليات يديرها أشخاص غير مؤهلين أحيانًا. هذه الظاهرة لا تهدد فقط جودة الرعاية الصحية المقدمة للمواطنين، بل تساهم أيضًا في انتشار الأدوية المغشوشة وغير المرخصة.
تعاني مهنة طب الأسنان في العراق من أزمة متفاقمة تهدد بانهيارها نتيجة سوء التخطيط وانتشار الجامعات الأهلية التي تخرّج أعدادًا كبيرة من الطلاب دون مراعاة الحاجات الفعلية للبلد.
تلك الأزمة تعكس سوء التنظيم في قطاع التعليم الطبي الذي أدى إلى خلق عبء كبير على وزارة الصحة ونقابة أطباء الأسنان، ويطرح تساؤلات جادة حول مستقبل مهنة طب الأسنان في العراق.
الزيادة الكبيرة في أعداد الخريجين من الجامعات الأهلية
وتعد الجامعات الأهلية واحدة من أهم العوامل التي ساهمت في هذا الانهيار.
وبعد عام 2003، شهد العراق طفرة في عدد الجامعات الأهلية، حيث ارتفعت بنسبة تتجاوز 500% لتصل إلى 66 جامعة، مقارنةً بـ35 جامعة حكومية فقط.
وأصبح من الشائع أن تستقبل الجامعات الأهلية الطلاب الذين لم يحققوا معدلات تؤهلهم للالتحاق بالجامعات الحكومية، حيث تسمح الجامعات الأهلية بمعدلات تصل إلى 79، مقارنة بالجامعات الحكومية التي لا تقبل أقل من 99.
هذا التدفق الكبير للطلاب أدى إلى تخريج أعداد هائلة من أطباء الأسنان غير المؤهلين علمياً. ومما يزيد الأمر سوءًا، أن الجامعات الأهلية تستهدف الربح بدلاً من الالتزام بالمعايير الأكاديمية الصارمة، وهو ما أثر بشكل مباشر على جودة المخرجات.
تأثيرات الأزمة على الصحة العامة وسوق العمل
التداعيات السلبية لتلك الظاهرة لا تقتصر على الجانب الأكاديمي فحسب، بل تمتد لتشمل النظام الصحي في العراق، فوزارة الصحة العراقية تجد نفسها عاجزة عن استيعاب هذا الكم الهائل من الخريجين، مما أدى إلى تفاقم الأزمة في تعيين الخريجين من الجامعات الحكومية الذين كانوا يعتمدون على فرص التوظيف في المؤسسات الصحية الحكومية.
إلى جانب ذلك، يرى العديد من المتخصصين في طب الأسنان أن هذه الأزمة تترك آثارًا خطيرة على حياة المواطنين، حيث أن العديد من الخريجين الجدد يفتقرون إلى التدريب المناسب لممارسة المهنة بشكل فعال وآمن.
وهذه الأعداد الهائلة تفرض ضغوطًا إضافية على النظام الصحي وتجعل من الصعب على الحكومة توفير الفرص الوظيفية اللازمة.
موقف الحكومة والجهات التنظيمية
الحكومة العراقية حاولت مؤخراً اتخاذ بعض التدابير لتصحيح المسار، ففي منتصف يوليو/تموز الماضي، طالبت وزارة التعليم العالي بوقف استحداث كليات طب الأسنان في الجامعات الأهلية وتحديد أعداد القبول بناءً على احتياجات السوق.
ومع ذلك، يظل تنفيذ هذه القرارات بعيدًا عن التطبيق الفعلي، مما يزيد من مخاوف استمرار الفوضى في هذا القطاع.
من جانبها، أطلقت نقابة أطباء الأسنان تحذيرات شديدة اللهجة، مؤكدةً على أن المهنة تواجه “عجزًا كبيرًا” بسبب التخريج العشوائي للأطباء، داعية إلى تطبيق صارم لمعايير القبول في الجامعات الأهلية، بما في ذلك رفع معدلات القبول إلى 95 فما فوق، وهو ما من شأنه تقليل أعداد الطلاب وتحسين مستوى المخرجات.
الأكاديمي علي الجميلي، الذي شغل منصب معاون عميد في إحدى الجامعات الأهلية، يدعم هذه النظرة، مشيراً إلى أن تلك الجامعات تتحكم فيها إرادة المستثمرين الذين يسعون لتحقيق الربح على حساب جودة التعليم. ويرى الجميلي أن الحل يبدأ بمراجعة شاملة لسياسات التعليم وتطبيق معايير صارمة على قبول الطلاب في الكليات الأهلية.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
أخبار ذات علاقة
اسرائيل تقصف طريقا يسلكه النازحون اللبنانيون الى سوريا
المقاومة العراقية تقصف 3 أهداف شمال إسرائيل بالطائرات المسيّرة
قائد الثورة الاسلامية: سنواجه اي عدوان بكل صلابة