المسلة

المسلة الحدث كما حدث

قطاع النقل الحكومي في العراق يفقد ذاكرته

قطاع النقل الحكومي في العراق يفقد ذاكرته

26 أكتوبر، 2022

بغداد/المسلة: كتب عبد الهادي مهودر..

تراجعَ قطاع النقل ولم يحافظ حتى على المستوى المتواضع الذي كان عليه قبل خمسين عاماً، وخلافاً للتوسع السكاني تراجعَ بشكل كبير نشاط حافلات الشركة العامة لنقل الركاب.

هذه الشركة التي تعد الأقرب إلى المواطنين بفضل أسطول الحافلات الحمر (الأمانة أم قاط وأم قاطين) قبل أن تخلع (قاطها) فجأة في وقت الحاجة الماسة والزيادة السكانية والتطلعات لخدمة أفضل، ووجود بعض الحافلات الحكومية في مركز العاصمة لا يدل على نظام نقل متحضر مطلقاً، فسائقوها لا يختلفون عن سائقي حافلات النقل الأهلية، بل يتفوقون عليهم باستخدام (السكِن) الذي اختفى أهلياً وعاد حكومياً ولكن (بشحاطة جلدية).

والسكِن مفردة أجنبية تعني المساعد وتعني ما تعنيه في المخيلة والذاكرة الشعبية التي تحتفظ له بصور مشوهة مع أنها مهنة فرضتها الحاجة في ذلك الزمان.

لكن الغريب أن قطاع النقل الحكومي فقد ذاكرته ونسي أو تناسى أنه يمثل أحد وجوه ومظاهر الدولة واستسلم للأمر الواقع، والفوضى الحاصلة في قطاع النقل الخاص والعام، الأهلي والحكومي، تكشف عن قلة اهتمام أدت إلى تخلفٍ كبير عن مستوى خدمات النقل في دول العالم، وربما لقلة التخصيصات كما هو العذر المتوقع.

ونذكّر عسى أن تنفع الذكرى بالزي الموحد للسائق والجابي وبالمحطات المكانية والتوقيتات الزمنية الثابتة لحافلات نقل الركاب، وليس مهماً أن تكون وزارة النقل حصة من في الحكومة الجديدة ووزير النقل الجديد عربياً أو كردياً أو تركمانياً، شيعياً أم سنياً أم مسيحياً، فلا نطالبه بمعجزة ولا بالمترو والقطارات الكهربائية والمعلقة وإنما نتحدث عن حاجة ضرورية لنظام نقل على الأرض يخدم أكبر عدد من العراقيين ويحفظ للمواطن كرامته وللعاصمة مظهرها الذي (تبهذل)، وتطوير قطاع النقل هو مسؤولية الدولة والحكومة وليس الوزارة وحدها لأبعاده الاقتصادية والاجتماعية، وهو أحد الحلول لفوضى الشوارع والاختناقات المرورية وكثرة السيارات الشخصية التي لو وجد أصحابها وسائل نقل كافية ومنضبطة لتخلّوا عنها على الفور كما هو حال الشعوب الآسيوية والأوروبية التي ارتبط سكانها بتوقيتات الحافلات والقطارات ونظّمت نمط حياتهم، والزائر لهذه الدول يمتّع نظره بتاكسي وحافلات لندن وبنفق موسكو وبقطار الطلقة في اليابان وبنظام النقل الفرنسي الذي حسب للدراجات الهوائية حسابها وحدّد لها مسارات خاصة، ولكن بماذا يمتّع العراقي والأجنبي نظره حين يرى قطاع النقل العراقي الذي ما زال يعيش في ظل العبارة الشعبية الخالدة (عندك نازل راس الشارع).


المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.