المسلة

المسلة الحدث كما حدث

شهوة الحبر وفتنة الورق

شهوة الحبر وفتنة الورق

30 أكتوبر، 2022

بغداد/المسلة:

اسمهان حطاب العبادي

انثى السراب
واسيني الاعرج

(يقال ان اصعب الميتات حبيبي، ان ترى نفسك وانت تموت، واقسى النهايات تلك التي يريدها لك من لا يحبك…).

الرواية تبدا بحوارت متخيلة ورسائل متبادلة بين واسيني وليلي حبيبته ومريم الحبيبة المتخيلة والمرأة التي طالما شغلت فكر واسيني.

واسيني يرقد في الفراش مريضا في غيبوبة طويلة، تكتب له ليلى، انها لن تكون مجرد قناع تراجيدي جميل.

ولن تكون مريم التي افتكها من العدم، ونحت لها تمثالا من نور الشمس، وستكون باسمها الحقيقي، الذي غيبه واسيني حتى لم تعد موجودة، وضعت ليلي نفسها في رسائل حقيقية، ترى نفسها حقيقة هرب منها لكن لا يمكن ان يختبر جرأته وقوته امام سلطانها.

تزوجت ليلي من رياض وانجبت منهمايا ويونس، لكنها مازالت تضع صندوق ذكرياتها ورسائلها المتبادلة مع واسيني في البنك، تقبلها دائما وتتذكر الذكريات التي طالما شغلتها وكسرت صمتها، تعوم في الرسائل التي كتبت بعضها باليد والقلم وبعضها مشفر لا احد غيرهم يستطيع فهمها، يفوح منها الحبر الصيني.

تستذكر ليلي ابيها من علمها حب الكمان، وانه كائن حي يتنفس في اجزائه الجزء المجوف، والذراع والاوتار ادخلها في هوس العزف بجدية نادرة واصرار دائم، بكيت كثيرا حين فقدت ابيها بعد معاناة من المرض.

طلبت من واسيني ان يتزوجها ويتكلل حبهما السري لكنه كان في قارة أخرى لا كائن فيها الا هو، ظل ينام قرير العين في حين تمنت ليلي ان يخطبها.

عادت الى الانكفاء على نفسها وبكت لأنها لا تنساه وتتمكن في النهاية من ان تكون لغيره.

حولها واسيني في رواياته الى مريم ومحا اسم ليلى من الوجود وفجأة وجدت نفسها تنتمي لاسم اخر، امرأة ورقية جاءت على انقاض امرأة حقيقية بنية مبيتة او طيبة اشتق لها اسما وسرق هويتها.

مريم في نظر واسيني جميلة وممتلئة كحبة قمح وابنة شهيد ووحيدة العائلة، امرأة يعشقها كل رجال القرية.

هي الاستحالة الحقيقية التي تزوجها الذئب ابن عمها.

الرسائل كانت دليها على انها حقيقة وليست وهم كمريم ،كتبها مريم لأنه خشى عليها من المحيط القاتل حولها الى قناع يحميها من عيون البشر والقتلة ربما حتى من نفسها.

طلبت منه ذات مرة ان يتزوجا وفق عقد محدود المدة لكنه لم يسمع الا لانانية متوغلة في اعماقه سحبتهم نحو مرفأ مظلم.

قصة الحب هذه دامت ربع قرن تغذت بالحب والوفاء لكنها انتهت كما ينتهي أي شيء جميل، اصبح لكل محب حياته الخاص وطريقه، لكن الحب لم ينتهي رغم البعد والفراق خلد هو اسيني بصيغة فتاة أخرى هي مريم هي الغلاق والقناع لحبيبته ليلي، فكيف تشعر بعد ذلك وقت سرقت هويتها امرأة أخرى!.

ولد واسيني عام 1954 في قرية فلاحين صغيرة، ودرس وتعلم فيها.

كان يعيش في كنف والديه وجدته، تعلم الفرنسية واجادها لان الوضع كان يفرضها ويمنع العربية، سعت جدته الى تعليمه لغته العربية من خلال قصص وحكايات ترويها له باستمرار، مما جعله يصبح من كبار الادباء في العربية والفرنسية، والده مناضلا كبيرا فيفيدرالية جزائرية بفرنسا وانضم بعد ذلك الى الثورة حتى استشهد فيها.

وانت تقرا الرواية تشعر بجمال اللغة وأسلوب الرسائل الذي ينساق على وتيرة واحدة تشعر بالتكرار والرتابة من جمال التعبير الغارق في الحب والهيام والعشق، تشعر انك في دائرة واحدة وتبحث عن النهاية وترغب في انهائها.

احداث الرواية في المدينة والبحر الذي طالما عشقه واسيني ووجده مجالا للتحرر والخروج.

اشهر رواياته كانت أصابع لوليتا، البيت الاندلسي، الأمير، رجل الماية، ذاكرة الماء..


المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لا يعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.