المسلة

المسلة الحدث كما حدث

الدولة دستور وشعب وحكومة

الدولة دستور وشعب وحكومة

15 مارس، 2023

بغداد/المسلة:

رياض الفرطوسي

مع انتهاء الحقبة السياسية الماضية بكل اعبائها السياسية والاقتصادية والنفسية والتي كان يراد منها تحويل العراق الى مجتمع من اليتامى. اتجهت انظار العالم والعراقيين الى الحكومة الجديدة ممثلة برئيس الوزراء الاستاذ محمد شياع السوداني وما ينتظرها من تحديات استراتيجية على مستوى سياسي واقتصادي وامني وقدرة الحكومة على الايفاء بوعد الاصلاح والبناء وبحث ومراجعة ملفات الفساد والعلاقات الاقليمية والدولية. تبرز للعيان فكرة وجود الدولة الراعية والتي تحقق حماية للمواطن خاصة ممن لا قدرة لهم على تأمين الحد الادنى من كفاف الحياة على مستوى اقتصادي واجتماعي وتعزز مبادىء تكافؤ الفرص بين الناس وتوزيع عادل للثروة. ان من اهم ما يواجه الدولة الراعية من ملفات هو ملف رعاية المواطن وهو ما يشكل محور العقد الاجتماعي بين الانسان والدولة التي من واجبها ان تحميه وترعاه على مستوى الحقوق والعدالة والضمان الاجتماعي وتوفير السكن والصحة والرفاهية والوسائل التعليمية الحديثة من دون منّة او فضل. وفي المقابل من واجبات الانسان حيال وطنه هو احترام اركان الدولة : مؤسساتها وقوانينها وقضائها وامنها ولغتها. فكرة دول الغرب تقوم على اساس ادارة لامور الدنيا كما يحصل في امريكا وغيرها في حين فكرتنا في العالم العربي والاسلامي ما زالت تقوم على اساس العقائد والنظريات والمواعظ اللاجمة والعلاقات وهذا هو الخطأ الاكبر. الدولة الراعية هي الدولة التي تنطلق نحو التنمية الاقتصادية والاجتماعية بما يحقق زيادة في انتاج الثروة ومعدلات النمو الاقتصادي وتأثير ذلك على الحياة الاجتماعية للانسان وهو ما يقود الى تنمية شاملة ومتعددة على مستوى ثقافي واجتماعي ( عادات وتقاليد ) . ان الانفلات الاخلاقي واتساع الظواهر السلبية في المجتمع وغياب الوعي وانحلال القيم الاجتماعية والدينية والعشائرية هو نتيجة طبيعية لتراكمات سياسية معقدة مر بها العراق خلال ال 50 سنة الاخيرة من عمره السياسي هذه التراكمات افرزت شكلا من اشكال الدولة التي همها السلطة وليس البناء لذلك لا بد للدولة الراعية ان تأخذ بنظرالاعتبارالمتغيرات الاجتماعية والنفسية للمجتمع. لكن ما هي حدود وقدرات تدخل الدولة الراعية في هذه القضايا ؟ قطعا لا يمكن ان تحدث المتغيرات بشكل مفاجىء انها تحتاج الى مجموعة من التراكمات تأخذ بنظر الاعتبار التفاوت الطبقي في المجتمع ووجود طبقة اجتماعية فقيرة لان تلقيص المسافة بين طبقات المجتمع على مستوى تعليمي وصحي واقتصادي من شأنه ان يرسي نظام الدولة الراعية ويحدد معالم صياغتها للبرنامج الحكومي وفق خارطة تحفظ للانسان كرامته ومستقبله بشفافية ووضوح. ان نظام الدولة الراعية كان معمولا به في العراق قبل اكثر من 6 الاف سنة في مدينة أور التاريخية حيث كان لكبار السن والمرضى والارامل يحصلون على رعاية كاملة. لان ذلك كان يعتبر جزءا اساسيا من قيم ومبادىء متوارثة . من هنا تأتي اهمية الدولة الراعية في خلق فضاء ومناخ سوي يوفر للانسان الامان بحيث انه لا يشعر بالخوف او القلق على حاضره ومستقبله وتأمين حصته من ثروة بلاده بما يحقق حصوله على راتب وعمل ورعاية خدماتية وضمانات حياتية. وهذا سينعكس على طريقة الانتاج والنشاطات الاقتصادية والتجارية والحال ان مقومات دولة الرفاهية موجوده فالعراق هو الخامس عالميا في احتياطيات النفط . لذلك نحن بأنتظار مرحلة جديدة يشرق فيها العراق ويزدهر ويتفتح وينمو فالتجارب القاسية احيانا تنتج شعوباً قوية ورصينة.


المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author