المسلة

المسلة الحدث كما حدث

امبراطوريات مستهلكة

امبراطوريات مستهلكة

8 يوليو، 2023

بغداد/المسلة الحدث: كتب عبدالامير الماجدي..

الكل يريد أن يستعرض عضلاته هنا على أرض العراق، وكأن لدينا مناخاً خاصاً بتفقيس بيوض الامبراطوريات، أو أن تكوينات كل شيء يجب أن تأخذ أذناً من بابل وتقدم نذورها إلى عشتار بشرط أن يكون نذرها معزة جبلية صهباء قرونها متوسطة وذيلها منخفض وأسنانها مكتملة لأن بعضهم جاء بشاة، وغيره بكبش، فلم تستجب عشتار لنذره ليسقط سريعاً كجرة ممتلئة، فأمريكا لأول مرة بتاريخها تحتل دولة احتلالاً مباشراً بعكس المعنى الكامل للاحتلال وليس كما حدث في فيتنام حينما حاولوا لمرة واحدة القيام ببعض الهجمات وانهزموا شر هزيمة، وكذلك تجد بريطانيا تحاول أن تعلّي من شأنها ولا تترك الحبل لأمريكا وحدها تداعب خاصرة الفرات وسرة دجلة، فكانت في كل خطوة تحاول أن تقلّد الخطوات الأمريكية، لتأتي بعدها فرنسا لتحاول هي جاهدة أن تُسمع الآخرين صوتها ووقع سرفات دباباتها وكأننا باستعراض للقوة، وتبقى ألمانيا تراقب الأوضاع من بعيد كي تجد فرصة أن تدخل بعد أن حلقت شارب هتلر وتخلت عن تحيتها المعروفة كيلا تُتهم بالنازية أو قد تجعل العراق محور تحركها لتسيطر على الشرق الأوسط وبعدها الأدنى ثم الأقصى، ويعاد مشهد سنوات الثورة الصناعية بكل ما به من تسابق وقتل واصطفافات ونابالم وكوارث ليعيش العالم دوامة الموت وتمتلئ الأزقة بالدخان ورائحة الكوارث.

وهكذا يودون إدخال رؤوسهم من نافذة العراق كي يتلاعبوا بأطيافه وتنوعه وقد كان هذا التنوع قاب قوسين أو أدنى من الضياع، فماذا تريد تلك الدول بجيوشها منا؟ سؤال جميل، لكن إجاباته تتشعب، فالبعض المستفيد يقولون لحماية العراق، ممن؟ لا نعرف! فهم الأصدقاء والأعداء، وهم من يقتلوننا ويدافعون عن بعضنا، يحركون الأكراد على الكل، والكل على الشيعة، والشيعة والأكراد على السنّة، وهاكم صوراً نعيدها رويداً رويداً.

الانتخابات الخاصة بمجالس المحافظات تعيد إلينا أشكالاً جديدة وتدخلاتٍ ولا يهمهم حكومة ضعيفة أو حتى متأرجحة ولا يهمهم من سيكون على كرسي محافظاتنا، فأخيراً كل الخيوط تؤدي لأصابعهم يتحكمون بحركاتنا ليحاولوا صنع امبراطوري جديد على أرض الامبراطوريات التي سبقت الدنيا باحتلالها للمحيط بها، فأجدادنا كانوا يحتلون إيران وتركيا وبلاد الشام وأرض المقدس وحتى مصر، فأي امبراطورية تلك بزغت في وقت كان الكل يبحث عن نار لطهو ما يأكله؟!.


المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.